إنه المفتـاح العظيم، الجليل، الكبيـر، إنه شهـادة التوحيد، شهـادة الإخـلاص والاتّبـاع، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله -صلّى الله وسلّم على نبينا محمّد-، فهذا المفتـاح العظيم يعني توحيد الله وتجريـد القلب من التعبّـد والتألّه لأحد سوى الله سبحانه، ويعني توحيد الاتّبـاع فلا اتّبـاع إلا لرسـول الله -صلّى الله عليه وسلّم-في التألّـه والتعبد لله، فلا نعبـد إلا الله وحده، ولا نعبـده إلا بما شـرع سبحانه على لسـان رسـوله -صلّى الله عليه وسلّم-، قـال سبحـانه:{ فَمَنْ كَانَ يَرْجُـو لِقَـاءَ رَبِّـهِ فَلْيَعْمَـلْ عَمَـلًا صَالِحًـا وَلَا يُشْـرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا }[الكهف:110] .
إن هذا المفتــاح العظيم لا دخول إلى الجنّة إلا لمن أتى به، ولا بد من الإتيان به بأسنانه لأنه لا فتح للباب بمفتـاح بلا أسنـان، وأسنـان هذا المفتـاح العظيم شـرائـع الإسـلام من الأقـوال والأعمال، فقـول لا إله إلا الله وحده لا يكفي بل لا بـدّ من العمـل، فالإيمـان قــول وعمـل، قال ابن القيّـم - رحمه الله - في الكافيـة الشافيـة:
هَـذَا وَفَتْــحُ البَابِ لَيْسَ بِمُمْكِنٍ *** إِلَّا بِمِفْـتَـــاحٍ عَـــلَـى أَسْنَــــانِ
مِفْتَاحُهُ بِشَهَادَةِ الإِخْـلَاصِ وَالتْـ *** تَـوحِيـدِ تِلْـكَ شَهَــادَةُ الإِيْمَــانِ
أَسْنَانُهُ الأَعْمَالُ وَهْيَ شَرَائِعُ الْـ *** إِسْــلَامِ وَالْمِفْـتَــاحُ بِِالأَسْنَــــانِ
فهـذا الأصـل العظيم هو أصـل الأصول، ومدار الفلاح عليه، وفقهه وعلمه هو الفقه والعلم كله، وبقدر العلم والفقـه له يكون نـور القلب وحيـاته، وكلما عظم نور القلب أحرق من الشّبهات ودفع من الشّهوات بحسب قوته وعظمته، وأهل الإسـلام في ذلك ليسـوا سـواء، جعلنا الله ممن عظم فقهـه في هذا الأصـل العظيـم وزاد علمـه به؛ إن ربّـي سميـعٌ قـريبٌ مجيبٌ .