الأحد، 3 يوليو 2011

القرآن العظيم


    القـــــرْآنُ الْعَـظِيْــمُ
   
    إن العيش مع كلام الرحمن الرحيم وكتابه الكريم القرآن العظيم؛ شرف ما بعده شرف، وعزّ لا يعدله عزّ، ومنزلة لا تعلوها المنازل، ومرتبة لا تفوقها المراتب،  فهو الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لا ريب فيه ولا نقص يعتريه، قال الشاطبي رحمه الله:

    وَإِنَّ كِتَــــابَ اللهِ أَوْثَــــقُ شَــافِــــــعٍ *** وَأَغْـنَـــى غَنَــــاءٍ وَاهِبـــــاً مُتَـفَـضِّـــــــلَأ 
    وَخَيْـــرُ جَلِيْــسٍ لَأ يُمَـــــلُّ حَـــدِيْثُـهُ *** وَتَــــرْدَادُهُ يَــــزْدَادُ فِيْـــــهِ تَجَــمُّـــــــــــلَا

    لك أيّها القارئ الكريم أن تتأمّـل كلاماً بليغاً من رجل عربي جاهليّ مشرك هو الوليد بن المغيرة، قاله واصفا به القرآن العظيم:" لقـد سمعت من محمّد آنفـاً كلاماً ما هو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن، وإ له لحـلاوة، وإن عليه لطـلاوة، وإن أعـلاه لمثمـر، وإن أسفـلــه لمُغْـدِق، وإنه يعلـو ولا يعلى عليه "، وهناك كلام يشبه هذا لأحد ملاحدة هذا الزمان فيلسوف فرنسي، يقول:" تضم مكتبتي آلاف الكنب السياسية والاجتماعية والأدبية وغيرها والتي لم أقرأها أكثر من مرة واحدة، وما أكثر الكتب التي للزينة فقط، ولكن هناك كتاب واحد تؤنسني قراءته دائما هو كتاب المسلمين القرآن، فكلما أحسست بالإجهاد وأردت أن تنفتح لي أبواب المعاني والكمالات طالعت القرآن حيث إنني لا أحس بالتعب أو الملل بمطالعته بكثـرة، لو أراد أحد أن يعتقـد بكتـاب نـزل من السمـاء فإن ذلك الكتاب هو القرآن لا غير، إذ أن الكتب الأخرى ليست لها خصائص القـرآن ".

     إن أهم الأشياء للعبد وأعظمها نفعا له في دنياه وأخراه تدبّر هذا الكتاب العظيم، وتـلاوة حـروفه، وإقـامة حـدوده، فهو مفتاح كل خير وصلاح ليس في حيـاة الفرد فحسب بل وحيـاة الأمم، ولذلك قـال ربنا تبـارك وتعالى لرسـوله الكـريم صلى الله وعليه وسلم:{ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوفَ تَعْلَمُوْنَ }[الزخرف:44]، وقال سبحانه مخبرا أن شـرف الأمة وعـزّهـا، وروحهـا ومبعث قوتهـا، ومصـدر سمـوّها وعلـوّها ورفعتهـا هو في الأخـذ بهـذا الكتـاب العظيم، تـلاوةً وإنصاتـاً، تـدبّـراً وتذكّـراً، تفسيراً وفهمًا، علماً وعمـلًا، حكمـاً وتحاكمـاً، قال سبحانه:{ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابأً فِيْهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُوْنَ }[الأنبياء:10] . 

      اعلم رحمك الله أنه لا بد من اليقين بأن القرآن العظيم أعظم موعظة من لم يتعظ به فهو عن الاتعاظ بسواه أبعد، ومن لم يستشف بالقرآن ظل قلبه في مرض وقلق، وصدره في ضيق وحرج:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِيْ الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ للمُؤْمِنِيْنَ }[يونس:57]، وقال سبحانه:{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِيْنَ }[الإسراء:82]، إن القرآن هو الـرّوح وبدونه الشخص ميت:{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوْحًا مِنْ أَمْرِنَا }[الشورى:52]، وقال جلّ في علاه:{ أَوَ مَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وجَعَلْنَا لَهُ نُوْراً يَمْشِيْ بِهِ فِيْ النَّـاسِ كَمَنْ مَّثَلُهُ فِيْ الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا }[الأنعام:122]، القرآن هو النور وبدونه الشخص في ظلمة وعمى:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوْرًا مُبِيْنًا }[النساء:174]، وقال سبحانه:{ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبَابِ }[الرعد:19]، القـرآن هو الهدى وبدونـه الشخص في ضـلال:{ قُــلْ يَا أَيُّهَا النَّـاسُ قَـدْ جَـاءَكُمُ الْحَـقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَـدَى فَإِنَّمَا يَهْتَــدِيْ لِنَفْسِـهِ وَمَـنْ ضَــلَّ فَإِنَّمَـا يَضِــلُّ عَلَيْهَـا }[يونس:108]، والحياة السعيـدة والمعيشـة الـرغيـدة في الإقبـال على القـرآن، وحياة الشقاوة ومعيشة الضنك في الإعــراض عـن القـرآن العظيم:{ وَمَـنْ أَعْــرَضَ عَــنْ ذِكْــرِيْ فَـإِنَّ لَـهُ مَعِيْشَــةً ضَنْكـاً
وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }[طه:124]، ولنا مع هذا الكتاب العظيم مقـالات لاحقـة، عسى الله أن ينفعنــا بـذلك دنيـا وأخرى إنه سميع قريب مجيب .