الأحد، 28 يوليو 2013

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس الثاني والعشرون


مسائل وأحكام


المسألة الحادية والخمسون : غبار الطريق : إذا وصل غبار الطريق إلى جوف الصائم فإنه لا يفسد بذلك صيامه إلا إذا قصد وتعمد إدخاله حلقه فسد صومه، ومثله نخالة الدقيق، وذبابة طائرة ونحو ذلك مما يشق الاحتراز عنه؛ قال النووي رحمه الله في المجموع: اتفق أصحابنا على انه لو طارت ذبابة فدخلت جوفه أو وصل إليه غبار الطريق أو غربلة الدقيق بغير تعمد لم يفطر . وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وما لا يمكن التحرز منه كابتلاع الريق لا يفطره لأن اتقاء ذلك يشق فأشبه غبار الطريق وغربلة الدقيق . انتهى .

المسألة الثانية والخمسون : سيلان الفم دما أو قيحا : إذا خرج من داخل الفم دم أو قيح فإنه يحرم بلعه لنجاسته؛ وبلعه في نهار رمضان اختيارا أو مع عدم مشقة الاحتراز منه مفسد للصوم، موجب للقضاء وهو مذهب الجمهور واختيار ابن عثيمين وعليه فتوى اللجنة الدائمة، وأما إذا دخل إلى الجوف بغير قصد، أو مع مشقة الاحتراز منه فلا شيء فيه كالقيء الذي يغلب صاحبه، وقد قال صلى الله عليه وسلم:" مَنْ ذَرَعَهُ اَلْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ, وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ اَلْقَضَاءُ " .

المسألة الثالثة والخمسون : خروج القلس أو سوائل المعدة (الحموضة) : القلس هو ما خرج من البطن من طعام أو شراب إلى الفم بعد استقراره فيها؛ سواء كان ملء الفم أو دونه؛ إذا خرج إلى الفم ثم رده الصائم وابتلعه مع إمكانه لفظه وإخراجه فسد صومه وعليه القضاء وهو مذهب الجمهور؛ وأما إذا رده إلى جوفه مع عدم تمكنه من إخراجه فلا شيء عليه؛ والسوائل المرتجعة من المعدة (الحموضة) حكمها حكم القلس فالفطر بها متعلق بوصولها إلى الفم ثم ردها بعد ذلك إلى الجوف وبلعها، وأما إذا لم تصل إلى الفم مع عدم التمكن من لفظها وإخراجها فلا يفسد بها الصوم، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: فإن سال فمه دما أو خرج إليه قلس أو قيء فازدرده (أي ابتلعه) أفطر وإن كان يسيرا، لأن الفم في حكم الظاهر، والأصل حصول الفطر بكل واصل منه؛ لكن عفي عن الريق لعدم إمكان التحرز منه فما عداه يبقى على الأصل . انتهى .

المسألة الرابعة والخمسون : الجماع في نهار رمضان : من جامع متعمدا في نهار رمضان فسد صومه إجماعا؛ وعليه القضاء والكفارة؛ وهو قول جماهير أهل العلم سلفا وخلفا، والمرأة الموطوءة في نهار رمضان يلزمها القضاء والكفارة كذلك وهو قول جمهور أهل العلم خلافا للمعتمد عند الشافعية، فيجب عليها القضاء لأنه فاتها الصوم بلا عذر، ووجوب الكفارة عليها قياسا على الرجل فقد هتكت حرمة رمضان بالجماع؛ فتجب عليها كفارة وعلى الرجل كفارة أخرى لعدم المشاركة في الكفارات .

المسألة الخامسة والخمسون : كفارة الجماع في نهار رمضان : تجب على من حصل منه الجماع متعمدا مختارا ذاكرا في نهار رمضان كفارة مغلظة وهي : عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، وهي على الترتيب المذكور عند جمهور أهل العلم؛ لما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ. قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ؟ قَالَ: لاَ - قَالَ - ثُمَّ جَلَسَ فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ. فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا . قَالَ: أَفْقَرَ مِنَّا ! فَمَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا. فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ .

الأحد، 21 يوليو 2013

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس الحادي والعشرون


مسائل وأحكام


المسألة السادسة والأربعون : مضغ العلك ( اللبان ) : العلك ( اللبان ) المعروف اليوم يحتوي على مواد سكرية في الغالب ونكهات صناعية؛ وهذه المواد والنكهات تتحلل مع اللعاب عند مضغه وتصل إلى الجوف؛ فالعلك بهذا الوصف مفسد للصيام، وأما إذا كان العلك قويا متماسكا عند مضغه لا يتحلل منه أجزاء تصل إلى الجوف؛ أو يتحلل منه أجزاء لكن يلفظها ولا يبلعها فهو مكروه للصائم وهو مذهب جمهور أهل العلم، وينبغي للصائم أن يحتاط لصومه فيصونه عما يفسده؛ ففي الحديث المتفق على صحته:" فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِيْنِهِ وَعِرْضِهِ " .

المسألة السابعة والأربعون : أحمر الشفاه : استعمال أحمر الشفاه أثناء الصيام إذا كان يتحلل منه شيء يصل إلى الجوف مع اللعاب فهو مفسد للصيام، واختاره ابن باز، وأما إذا كان لا يتحلل منه شيء يصل مع اللعاب إلى الجوف؛ أو متى أحست المرأة بطعم شيء منه في فمها لفظته ولم تبلعه فيكره كراهة شديدة؛ قياسا على مسألة العلك ( اللبان ) السابقة؛ فينبغي للمرأة أن تحتاط لصومها فلا تضعه نهارا وإنما تضعه ليلا؛ ووضعها له نهارا ليراه الرجال الأجانب من المنكرات العظيمة يذهب أجر صيامها ويفوت عليها ثمرته؛ فعند البخاري في صحيحه قال صلى الله عليه وسلم:" مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ففعلها هذا من جهل الجاهلية نسأل الله العفو والسلامة لنساء المسلمين .

المسألة الثامنة والأربعون : بلع الريق : يجوز للصائم بلع ريقه ولو كثر بغير قصد فبلعه لا يفسد الصوم إجماعا نقله النووي رحمه الله لأنه يشق التحرز منه؛ بخلاف ما إذا جمعه في فمه ثم بلعه فإنه يفسد الصوم وهو قول الجمهور، وكذا إذا أخرجه إلى خارج فمه ثم رده كأن أخرجه إلى الشفة الخارجية ثم رده فإنه يفسد الصوم إذا بلعه، وكذا بلعه لريق غيره يفسد الصوم نقل النووي اتفاق أهل العلم عليه؛ وأما ما جاء عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ وَيَمُصُّ لِسَانَهَا . فهو حديث ضعيف ضعفه غير واحد من أهل العلم ومن المعاصرين الألباني، وهو صحيح دون زيادة:" وَيَمُصُّ لِسَانَهَا "، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح: وإسناده ضعيف ولو صح فهو محمول على من لم يبتلع ريقه الذي خالط ريقها والله أعلم . انتهى كلامه رحمه الله .

المسألة التاسعة والأربعون : بلع النخامة : النخامة هي النخاعة وزنا ومعنى وهي البلغم الغليظ الذي يحصل للإنسان من الأنف، أو من الصدر، أو من الرأس، غير أن النخاعة يقال لما يخرج من الرأس، والنخامة لما يخرج من الأنف أو الصدر؛ وعلى كل حال بلع النخامة أو النخاعة بعد وصولها إلى الفم مفسد للصوم لأنه لا يشق الاحتراز عنها؛ وهو قول الجمهور، وأما إن كانت في الحلق ولم يتمكن من لفظها فبلعها، أو بلعها مع ريقه من غير قصد فصومه صحيح لأنه يشق الاحتراز عنها، واختار ابن تيمية أن بلعها لا يفسد الصيام؛ ورجحه ابن عثيمين .

المسألة الخمسون : بلع ماء السواك : السواك سنة رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مستحب للصائم وغير الصائم في أي وقت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم عند البخاري ومسلم:" لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ " وفي رواية:" عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ "، قال البخاري رحمه الله: وَيُرْوَى نَحْوُهُ عَنْ جَابِرٍ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَخُصَّ الصَّائِمَ مِنْ غَيْرِهِ . وأما بلع الريق بعد السواك فاختار ابن سعدي وابن عثيمين الجواز لأن حكمه حكم الماء المتبقي بعد المضمضة إذ لا يجب على المتوضئ أن يجفف فمه بعد المضمضة؛ وكذلك في الريق بعد السواك، لكن إذا تحلل من السواك شيء في فمه يجب عليه أن يلفظه ويخرجه ولا يبلعه لأنه ببلعه يفسد الصوم، ولذلك كره بعض السلف السواك الرطب، قال الحافظ رحمه الله: أقصى ما يخشى من السواك الرطب أن يتحلل منه في الفم شيء وذلك الشيء كماء المضمضة فإذا قذفه من فيه لا يضره بعد ذلك أن يبتلع ريقه . انتهى كلامه رحمه الله .

الأربعاء، 17 يوليو 2013

سلسلة الإعلام بأحكام الصّيام



الدرس العشرون


مسائل وأحكام


المسألة الحادية والأربعون : استعمال معجون الأسنان : يجوز للصائم استعمال معجون الأسنان لكن ينبغي عليه الاحتراز من وصوله إلى الحلق وذهب إليه مجمع الفقه الإسلامي واختاره ابن باز وابن عثيمين، فإن نفذ شيء إلى الحلق فسد الصوم .

المسألة الثانية والأربعون : الاكتحال : استعمال الاكتحال للصائم لا بأس به إذا لم يجد طعمه في الحلق؛ فإذا وجد طعمه في الحلق فسد بذلك الصيام وبه قال مالك وأحمد رحمهما الله، ومذهب الأحناف والشافعية واختيار ابن تيمية رحمه الله وغيره من المحققين أنه لا يفسد الصوم بالاكتحال سواء وصل منه شيء إلى الحلق أو لا، لأنه ليس أكلا ولا شربا ولا في معناهما .

المسألة الثالثة والأربعون : التطيب وشم الروائح : لا حرج على الصائم في التطيب وشم الروائح إذا لم تكن بخورا أو دخانا له جرم يصل إلى الجوف وهو مذهب السادة الأحناف واختيار ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين .

المسألة الرابعة والأربعون : ما يدخل في مجرى البول : ما يدخل في إحليل الصائم، والإحليل هو مجرى البول للذكر والأنثى، من مائع أو دهن لا يفسد الصيام عند الجمهور خلافا للشافعية، وكذلك ما يدخل في إحليل الصائم من قسطرة (أنبوب دقيق) أو منظار، أو مادة تساعد على وضوح الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة؛ وكذا ما يدخل المهبل من تحاميل ( لبوس )، أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفحص الطبي، أو إدخال المنظار أو اللولب ونحو ذلك إلى الرحم، كل ذلك لا يفسد الصوم؛ على ما ذهب إليه الجمهور، وهو ما قرره مجمع الفقه الإسلامي لأنه لا منفذ بين المسالك البولية وبين الجهاز الهضمي .


المسألة الخامسة والأربعون : مرطب الشفاه والأنف : لا حرج على الصائم في استعمال مرطب الشفاه والأنف الذي يزيل الجفاف؛ مع الاحتراز من أن يصل شيء إلى الجوف عبر الأنف أو الفم؛ فإن وصل منه شيء إلى الجوف فقد فسد الصوم وعليه القضاء، وهو اختيار ابن باز وابن عثيمين .

الثلاثاء، 16 يوليو 2013

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام


الدرس التاسع عشر


مسائل وأحكام


المسألة السادسة والثلاثون : الاغتسال للصائم : للصائم أن يغتسل أو يصب الماء على رأسه لأجل الحر أو العطش باتفاق الأئمة الأربعة؛ فعند أحمد في المسند وصححه الألباني: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُئِيَ بِالْعَرْجِ وَهُوَ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ مِنْ الْحَرِّ أَوْ الْعَطَشِ .

المسألة السابعة والثلاثون : الأقراص التي توضع تحت اللسان : ما يوضع تحت اللسان من الأقراص لعلاج بعض الأزمات القلبية ونوباته المفاجئة حقيقتها أنها لا يدخل إلى الجوف منها شيء إذا لم يبلع المريض شيئا من المادة الدوائية المتحللة لأنها سرعان ما تمتصها الأوعية الدموية لتنقل عبر الدم إلى القلب؛ وعلى هذا فإنها لا تفسد الصوم بشرط أن لا يبتلع الصائم شيئا مما يتحلل منها؛ وهو اختيار ابن باز وابن عثيمين وقرره مجمع الفقه الإسلامي بالإجماع .

المسألة الثامنة والثلاثون : ذوق الطعام بغير حاجة : يجوز ذوق الطعام عند الحاجة لمعرفة استواء الأكل من غير مبالغة فهو كالمضمضة كما قال ابن تيمية رحمه الله وهو قول جمهور أهل العلم؛ وأما ذوق الطعام بغير حاجة فمكروه باتفاق الأئمة الأربعة؛ لأنه مظنة لوصول شيء من الطعام إلى الجوف من غير شعور به فيتعرض الصوم للفساد .

المسألة التاسعة والثلاثون : القبلة والملامسة وما شابههما للصائم : يباح للصائم القبلة والمباشرة فيما دون الفرج بشرط أن يكون ممن يملك نفسه ففي صحيح مسلم: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ, وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ, وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لِإِرْبِهِ . وهو قول جمهور أهل العلم، وأما من تتحرك شهوته بالقبلة وما شابهها ولا يملك نفسه فيخشى من الجماع أو الإنزال فيكره له ذلك باتفاق الأئمة الأربعة فعند أبي داود وصححه الألباني: أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ؛ فَرَخَّصَ لَهُ، وَأَتَاهُ آخَرُ فَسَأَلَهُ؛ فَنَهَاهُ. فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ وَالَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ .

المسالة الأربعون : استعمال السواك للصائم : يباح للصائم أن يستاك في أي وقت قبل الزوال أو بعده؛ وهو مذهب الأحناف واختيار ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، خلافا لمن قال بكراهته للصائم بعد الزوال؛ والصحيح أنه لا يكره لأن الأحاديث في استحباب السواك عامة للصائم وغيره وفي كل وقت؛ فعند البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ " وفي رواية:" عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ "، قال البخاري رحمه الله: وَيُرْوَى نَحْوُهُ عَنْ جَابِرٍ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَخُصَّ الصَّائِمَ مِنْ غَيْرِهِ .

الأحد، 14 يوليو 2013

سلسلة الإعلام بأحكام الصّيام


الدرس الثامن عشر


مسائل وأحكام


المسألة الحادية الثلاثون : بخاخ الربو : استعمال بخاخ الربو في نهار رمضان لا يفسد الصوم لأن الرذاذ الذي ينفثه عبارة عن هواء وليس هو أكلا ولا شربا ولا في معناهما؛ وهو اختيار جمهور العلماء المعاصرين، ومن أهل العلم من قال بأنه مفسد للصوم .

المسألة الثانية والثلاثون : الغسيل الكلوي : غسيل الكلى لا يخلو من وصول مفطّر إلى الجوف فهو تزويد للجسم بالدم النقي وقد يصاحبه مواد غذائية أخرى لذا فتوى اللجنة الدائمة أنه مفسد للصيام وهو اختيار ابن باز وابن عثيمين .

المسألة الثالثة والثلاثون : غاز الأكسجين : استعماله في التنفس لا يفسد به الصوم؛ لأنه مجرد غاز يدخل إلى الجهاز التنفسي فهو كالهواء الذي يتم استنشاقه؛ وهذا ما قرره المجمع الفقهي، فالهواء الذي يتنفس لم يقل أحد بأن تنفسه يفسد الصوم.

المسألة الرابعة والثلاثون : التحاميل : استعمال التحاميل في نهار رمضان القول فيها كالقول في الحقنة الشرجية فعلى مقتضى مذهب الجمهور أنها مفسدة للصوم لأنها أشبهت الأكل في وصولها إلى الجوف، وعلى مقتضى مذهب أهل الظاهر وجماعة من المالكية أنها لا تفسد الصوم لأنها ليست بأكل ولا شرب، ولا في معناهما، وهو اختيار ابن عثيمين .

المسألة الخامسة والثلاثون : المضمضة والاستنشاق : المضمضة والاستنشاق من سنن الوضوء غير أن الصائم يكره له المبالغة فيهما إجماعا؛ ففي الحديث الذي يرويه أحمد في المسند وصححه الألباني قال صلى الله عليه وسلم:" إِذَا اسْتَنْشَقْتَ فَبَالِغْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا "، فالمضمضة والاستنشاق للصائم من غير مبالغة مباحة في الوضوء وغيره إجماعا، فالصائم الذي جف ريقه ويبس فمه وأراد المضمضة بالماء لترطيب فمه يباح له ذلك من غير مبالغة .

السبت، 13 يوليو 2013

سلسلة الإعلام بأحكام الصّيام



الدرس السابع عشر



مسائل وأحكام



المسألة السادسة والعشرون : الحجامة : اختلف العلماء فيمن احتجم وهو صائم؛ فمذهب جمهور أهل العلم على أن صومه صحيح لا يفسد، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم، وذهب الحنابلة إلى أن الحجامة تفسد الصوم؛ وهو مفردات مذهبهم، واختاره ابن تيمية وابن القيم؛ دليلهم ما جاء عند أحمد في المسند وغيره وصححه الألباني والأرنؤوط أنه صلى الله عليه وسلم قال:" أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ "، وتأجيل الحجامة إلى الليل أفضل خروجا من الخلاف .

المسألة السابعة والعشرون : الفصد ودم التحليل أو التبرع : الفصد وأخذ الدم للتحليل أو التبرع من الصائم اختلف أهل العلم في إفساده للصوم اختلافهم في الحجامة؛ فمن أهل العلم من قال بعدم إفساده للصوم بناء على مذهب الجمهور في عدم الإفساد بالحجامة، ومن أهل العلم من قال بإفساده للصوم كالحجامة وهو اختيار ابن تيمية، وفرق ابن عثيمين بين دم التبرع ودم التحليل بأن دم التبرع له حكم الحجامة من الفطر به لتأثيره في البدن كتأثير الحجامة لكثرته، وابن باز اختار أن الأحوط تأجيله إلى الليل، وأما دم التحليل فهو ليس في معنى الحجامة ليسره؛ لذلك اختار ابن عثيمين بأن لا يفسد به الصوم وهو اختيار شيخه ابن باز .

المسألة الثامنة والعشرون : الحقنة الشرجية : وما هي يحقن ليستفرغ به ما في البدن ومثلها التحاميل اليوم اختلف في حكمها للصائم، فمذهب الأئمة الأربعة أنها مفسدة للصوم لأنها تصل إلى الجوف فأشبهت الأكل، وذهب أهل الظاهر وهو اختيار ابن عبد البر وابن تيمية ومجمع الفقه الإسلامي إلى أنها لا تفسد الصوم لأنها لا تغذي وليس فيها ما ينفذ إلى الجوف فليس لها حكم الأكل، ولم يأت بيان من الشارع أنها من مفسدات الصيام؛ واختار ابن باز رحمه الله إلى أن تأخيرها إلى الليل أفضل خروجا من الخلاف .

المسألة التاسعة والعشرون : الإبر العلاجية : استعمال الإبر غير المغذية في العضلات أو الوريد أو تحت الجلد لا يفسد الصوم لأنها ليست أكلا ولا شربا، ولا في معناهما، وهو من قرارات مجمع الفقه الإسلامي وفتاوى اللجنة الدائمة واختيار ابن باز وابن عثيمين، وأما الإبر المغذية التي يستغنى بها عن الأكل والشرب فهي عندهم مفطرة مفسدة للصوم لأنها في معنى الأكل والشرب .

المسألة الثلاثون : القطرة : استعمال القطرة في نهار رمضان له ثلاثة أحوال: استعمالها في الأنف أو ما يسمى السعوط وهو دواء يوضع في الأنف مفسد للصوم باتفاق مذاهب الأئمة الأربعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:" بَالِغْ فِيْ الاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَن تَكُونَ صَائِماً "، فالأنف منفذ مفتوح إلى المعدة. والحالة الثانية استعمال القطرة في العين مفسد للصوم إذا وصل طعمها إلى الحلق عند المالكية والحنابلة، ومذهب الأحناف والشافعية واختيار ابن حزم وابن تيمية وابن باز وابن عثيمين أنها لا تفسد الصيام، وهي فتوى اللجنة الدائمة؛ فالعين عندهم ليست بمنفذ مفتوح إلى الجوف . والحالة الثالثة استعمال القطرة في الأذن وهي مفسدة للصوم إذا وجد طعمها في الحلق عند الجمهور، جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي " :" الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات : قطرة العين ، أو قطرة الأذن ، أو غسول الأذن ، أو قطرة الأنف ، أو بخاخ الأنف ، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق " انتهى . واختار ابن حزم وابن باز وابن عثيمين أنها غير مفسدة للصوم؛ وهي عندهم كالعين ليست بمنفذ مفتوح إلى الجوف .

سلسلة الإعلام بأحكام الصيّام



الدرس السادس عشر


مسائل وأحكام





المسألة الحادية والعشرون : بلع ما بين الأسنان من الطعام : الطعام اليسير الذي يكون بين الأسنان إذا بلعه الصائم وكان لا يمكنه لفظه وإخراجه من فمه لجريانه مع الريق فصومه صحيح لمشقة الاحتراز منه؛ وقد حكى الإجماع ابن المنذر على ذلك، وأما إذا أمكنه لفظه وإخراجه فابتلعه فإنه يفطر بذلك لأنه صار في حكم الأكل الذي يؤكل قصدا واختيارا؛ وهو قول جماهير أهل العلم. 

المسألة الثانية والعشرون : ابتلاع ما لا يؤكل في العادة : إذا بلع الصائم شيئا مما لا يؤكل في العادة كحصاة وخيط، وورقة، وغير ذلك فإنه يفطر به؛ لأنه في حكم الأكل؛ وهو قول جماهير أهل العلم .

المسألة الثالثة والعشرون : شرب الدخان : شرب الدخان أثناء نهار رمضان مفطر يفسد به الصوم باتفاق الفقهاء، لأن للدخان جرم يصل إلى الجوف؛ ووصول عين إلى الجوف من مفسدات الصيام ومبطلاته؛ وينبغي على من ابتلي بهذا البلاء الإقلاع عنه تقربا لله عز وجل فهو من الخبائث التي جاءت الشريعة بتحريمها؛ فضلا عما فيه من الضرر؛ قال سبحانه:{ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ }، ومن أعظم ما يعين على الإقلاع عن هذه المصيبة هذا الشهر الكريم؛ الذي قد يمسك فيه الإنسان ما يزيد على نصف اليوم؛ وفقنا الله لما يحب ويرضى، وهدانا لما فيه نفعنا في الدنيا والآخرة .

المسألة الرابعة والعشرون : الاحتلام في نهار رمضان : إذا احتلم الصائم في منامه في نهار رمضان فصومه صحيح؛ إجماعا .

المسألة الخامسة والعشرون : خروج المذي في نهار رمضان : المذي سائل أبيض لزج يخرج عند التفكير في الجماع أو إرادته فإذا خرج من الصائم فإنه لا يفسد الصوم وهو مذهب الشافعية واختيار ابن عثيمين رحمه الله .

الخميس، 11 يوليو 2013

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس الخامس عشر

مسائل وأحكام



المسألة السادسة عشرة : صوم المسافر بالوسائل المريحة : يباح للمسافر الإفطار ولو كان سفره بالمواصلات المريحة سواء حصلت له مشقة بالصوم أو لا؛ نقل ابن تيمية الإجماع على ذلك، فالشارع الحكيم أناط الفطر بالسفر لا بالمشقة فيه؛ قال سبحانه:{ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } .

المسألة السابعة عشرة : صوم المريض المتحامل على نفسه: المريض الذي يشق عليه الصوم رخص له في الفطر لكن إذا أراد التحامل على نفسه والأخذ بالعزيمة وهو الصوم، وترك الرخصة وهو الفطر فإن صيامه مجزئ؛ حكى ابن حزم الإجماع على ذلك، أما المرض الذي يخشى معه الهلاك فيجب الفطر معه، ولا يجوز للمريض أن يتحامل على نفسه ويصوم لأنه يلقي بنفسه إلى التهلكة، وهذا مذهب جمهور أهل العلم .

المسألة الثامنة عشرة : السفر مفارقة البنيان: لا يباح للمسافر أن يترخص برخص السفر ومنها الفطر في الصوم إلا إذا فارق البنيان وخلفه وراء ظهره، فلا يوصف بكونه مسافر إلا بخروجه من البلد، وما دام في البلد فله حكم المقيم، وهذا مذهب عامة أهل العلم، ونقل ابن المنذر الإجماع عليه .

المسألة التاسعة عشرة : مدة الفطر في السفر : للمسافر الفطر ما دام مسافرا، فإذا نزل ببلد ونوى الإقامة فيها أربعة أيام فأكثر صار حكمه حكم المقيم، فلا يجوز له الترخص برخص السفر ومنها الفطر، بخلاف ما إذا كانت المدة أقل من ذلك، وهذا مذهب جمهور أهل العلم، ويرى ابن تيمية رحمه الله أن للمسافر أن يترخص برخص السفر ما دام لم ينو الإقامة المطلقة، بل هو متردد في الإقامة ولم يحدد لها زمنا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أقاموا بمكة قريبا من عشرين يوماً يقصرون الصلاة، وأقام أصحابه رضوان الله عليهم برامهرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة كما عند البيهقي بسند حسن .

المسألة العشرون : الأكل أو الشرب ناسيا : إذا أكل الصائم أو شرب وهو ناس فصومه صحيح ولا شيء عليه، وعليه أن يتم صومه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم عند البخاري ومسلم واللفظ له:" مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ "، ويجب على من رآه أن ينبهه أنه في نهار رمضان؛ وأنه صائم، وهذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .


الاثنين، 8 يوليو 2013

يا باغي الخير أقبل




يا باغي الخير أقبل



أتى رمضــان مــــزرعــــة العبــــــــاد  ****  وتطهير القــــلوب مــــن الفســـــاد
فـــــأد حقــــــوقـــــه قــــــولا وفعـــــــلا  ****  وزادك فـــــاتــــخـــــــــذه للــــمـــــعـــــــــاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها  ****  تــــــــأوه نـــــــــادمــــــــــا يــــوم الحصـــــاد
      
     يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر؛  جاء شهر النور والبركات، أقبل شهر الخشوع والطاعات، أشرف شهر النصر والمكرمات، أتى شهر الفتوحات والذكريات، فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر . 

مرحبــــــا أهـــــلا وسهلا بالصـيـام  ****  يـــا حبيبـــــــا زارنــــــــــــــا في كل عـــــــــــام
قــــــــــد لـقينـــــــــاك بـــــــحــب مفعــــم  ****  كل حب في ما سوى المولى حرام
فاغفـــــــــــــر اللـــهم منــــــــــا ذنبنــــــــا  ****  ثــم زدنــــــــــا مــن عطـايــاك الجســـــــــــــام
 
       يا باغي الخير أقبل لقد تفتحت أبواب الجنان، وغلقت أبواب النيران، وصفدت الشياطين، كل ذلك في أول ليلة من ليالي رمضان .
      يا باغي الخير أقبل؛ فقد أقبل ربيع الطائعين، وموسم التائبين، ورياض المستغفرين، وجنة الصالحين، لقد تاقت إليه نفوس المؤمنين، وفرحت بقدومه قلوب المخلصين، واشتاقت إلى لياليه دموع المتهجدين .
        يا باغي الخير أقبل " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيْمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "، و " مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيْمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ  "، و " مَنْ قَامَ لَيْلَةِ القَدْرِ إِيْمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " .
      يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، يا من تريد سعادة الدنيا والآخرة أقبل، يا من تطمح في رضوان الله أقبل، يا من ترجو ما عند الله أقبل، يا من تسعى إلى جنة عرضها السماوات والأرض أقبل، يا من تريد العتق من النيران أقبل .
      يا باغي الخير أقبل، يا من قصرت في حق ربك أقبل، يا من أعرض عن الله أقبل، يا تاركا للصلاة أقبل، يا عاقا لوالديه، يا قاطعا لأرحامه أقبل، يا من أذنب، يا من أخطأ، أقبل على الله فيقبلك الله، ويعتق رقبتك من النار، فربك حيي ستير جواد كريم، يحب من عبده أن يتوب فيتوب عليه .  
      يا باغي الخير أقبل " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا "، يا باغي الخير أقبل؛ لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرت الله غفر لك على ما كان منك ولا يبالي سبحانه جل في علاه؛ كرما ومنة وفضلا؛ جعلنا الله أهلا لفضله وكرمه .
     ونحن نعايش ربيع الثورات والانتفاضات ها هو ذا شهر الثورة والانتفاضة على النفس والهوى والشيطان قد أقبل فيا باغي الخير أقبل، لتتحرر الروح من قيود الشهوات والذنوب، فتسمو إلى باريها، فالإنسان بروحه لا بجسمه، وعزه وشرفه وسعادته في تعلق روحه بالله، واتصالها وأنسها به لا بسواه .

يا خـادم الجسـم كم تشقى لخـدمتــه  ****  أتعبت نفسـك فيما فيه خسـران
أقبل على الـــروح واستكمل فضائلها **** فأنت بالروح لا بالجسم إنســـــــان
   
     يا باغي الخير أقبل؛ آن أوان أن تسكب العبرات، وتقال العثرات، وتكفر الذنوب والسيئات، فقد أقبل شهر الرحمة والرضوان، والمغفرة والإحسان، والعتق من النيران .
     يا باغي الخير أقبل:" مَنْ لَمْ يَدَعْ قَولَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ فَلَيْسَ لِلهِ حَاجَةٌ فِيْ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ " .
     يا باغي الخير أقبل فإن لله سبحانه عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة من ليالي رمضان، جعلنا الله وإياكم ممن يعتق رقابهم من النار، إنه سميع قريب مجيب . 

السبت، 6 يوليو 2013

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس الرابع عشر

مسائل وأحكام


المسألة الثالثة عشرة : بقاء الليل : من أكل أو شرب معتقدا بقاء الليل؛ ولم يتيقن طلوع الفجر؛ ثم تبين له طلوعه فمن أهل العلم من قال بأن صومه صحيح ولا قضاء عليه؛ لأن الأصل بقاء الليل حتى يتبين طلوع الفجر، فبقاء الليل هو اليقين وطلوع الفجر مشكوك فيه، واليقين لا يزول بالشك، وهو قول طوائف من السلف، واختاره ابن تيمية وابن عثيمين؛ والمزني من الشافعية رحمهم الله، وقال جمهور أهل العلم بأنه يجب عليه القضاء .   

المسألة الرابعة عشرة : غروب الشمس : إذا تحقق الصائم من غروب الشمس يسن له أن يعجل الفطر؛ بالاتفاق، وأما من شك في غروب الشمس ولم يتيقن من غروبها فلا يجوز له الفطر، ومن أفطر وجب عليه القضاء، لقوله تعالى:{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}، ولأن الأصل بقاء النهار، وهو اليقين، وغروب الشمس مشكوك فيه، واليقين لا يزول بالشك، وهذا مذهب جماهير أهل العلم، وكذا من أفطر ظانًّا غروب الشمس ثم تبين له عدم غروبها؛ فعليه الإمساك إلى الغروب، ويجب عليه القضاء، وهو قول الجمهور، واختار ابن تيمية وابن القيم وهو قول طائفة من السلف أنه لا قضاء عليه؛ لعموم قوله تعالى:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَّسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، وأما من غلب على ظنه غروب الشمس لوجود علامات ودلائل تدل على غروبها ودخول وقت الفطر فإنه يجوز له الفطر باتفاق الأئمة الأربعة .

المسألة الخامسة عشرة : طلوع الفجر والطعام في الفم : الأصل أن المؤذن لا يؤذن إلا بدخول الوقت، فإذا أذن وجب الإمساك بمجرد سماع أذانه، فمن طلع عليه الفجر وفي فمه طعام وجب عليه أن يلفظه ويتم صومه، فإن أكله بعد تيقنه طلوع الفجر بطل صومه، وعليه القضاء وهو مذهب الأئمة الأربعة، وأما ما جاء عند أحمد في المسند وصححه الألباني من قوله صلى الله عليه وسلم:" إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ " فقد حمله بعض أهل العلم على أن النداء هنا هو أذان بلال وهو الأذان الأول ففي المتفق عليه:" إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لاَ يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ "، وقال البيهقي رحمه الله عن الحديث الذي في المسند: وهذا إن صح فهو محمول عند عامة أهل العلم على أنه صلى الله عليه وسلم علم أن المنــــادي كان ينــــادي قبل طلوع الفجــــر بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر . 
        فينبغي للمسلم أن يحطاط لصوم ويمسك بمجرد سماع المؤذن ليتجنب الريبة:" دَعْ مَا يَرِيْبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيْبُكَ "، وفي الحديث المتفق عليه:"  فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِيْنِهِ وَعِرْضِهِ ".

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس الثالث عشر

مسائل وأحكام


المسألة العاشرة : تبييت النية من الليل : النية شرط في صحة الصوم كسائر العبادات، وفي صوم الفرض يجب تبييت النية من الليل قبل طلوع الفجر وهو مذهب جمهور أهل العلم، لقوله صلى الله عليه وسلم عند النسائي وغيره وصححه الألباني:" مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ ــــــــ وفي رواية: قَبْلَ الْفَجْرِ ــــــــ، فَلَا صِيَامَ لَهُ " وأما صوم النفل فلا يشترط له تبييت النية من الليل عند جمهور أهل العلم، بل تجوز النية أثناء النهار قبل الزوال أو بعده، إذا لم يتناول مفطّرا بعد الفجر، وهو اختيار ابن تيمية وابن عثيمين رحمهما الله، للحديث الذي في صحيح مسلم: عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ . فَقُلْنَا: لاَ. قَالَ: فَإِنِّيْ إِذًا صَائِمٌ . وأجر الصوم يكتب من وقت إنشاء النية، وأما الإمساك الذي قبل ذلك فهو بغير نية فكيف يؤجر عليه ؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:" إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى "، وهذا اختيار ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين رحمهم الله .

المسألة الحادية عشرة : نية صيام رمضان : هل يشترط لصيام رمضان لكل يوم نية ؟ أم أن النية في أول الشهر تكفي لرمضان كله ؟ اختلف الفقهاء رحمهم الله في ذلك؛ جمهور أهل العلم يشترطون تجديد النية لكل يوم من رمضان، وأنه لا تكفي نية واحدة للشهر كله لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:" مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ ــــــــ وفي رواية: قَبْلَ الْفَجْرِ ــــــــ، فَلَا صِيَامَ لَهُ "، والقول الثاني مذهب المالكية أن ما يشترط فيه التتابع تكفي فيه النية في أوله، ورمضان كالعبادة الواحدة، فإذا انقطع التتابع لعذر مبيح تجدّد النية، وهذا اختيار ابن عثيمين رحمه الله .

المسألة الثانية عشرة : الجزم في نية الصوم واستمرارها: من تردد في نية صوم واجب واستمر التردد إلى اليوم الذي تردد في صومه وصام؛ فصومه غير صحيح وعليه القضاء، وهو مذهب الجمهور لأن التردد ينافي النية وهي شرط في صحة الصوم، بخلاف من صام ثم تردد في قطع نية الصوم هل يفطر أو لا يفطر ؟ فصومه صحيح ولا يبطل؛ لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، والأصل بقاء النية ما لم يعزم على قطعها، ويجزم بإزالتها، فإن جزم وعزم على قطعها انقطع صومه وبطل، وعليه القضاء وإمساك بقية اليوم إن كان من الذين لا يباح لهم الفطر، وهو اختيار ابن عثيمين رحمه الله.