الاثنين، 24 يونيو 2013

بيان علماء الأمة حول وجوب الجهاد لنصرة سوريا

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان علماء الأمة حول وجوب النفرة والجهاد لنصرة سوريا


       الحمد لله العلي القدير القائل:{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ }. والصلاة والسلام على رسول الله، محمد نبي الرحمة ، القائل فيما رواه أبو داود عن جابر وأبي طلحة رضي الله عنهما:" ما من امرئ يخذل امرأً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته " وبعد: 

فلا يخفى على الأمة خاصتها وعامتها بل على عموم الناس ما يقوم به النظام الطائفي بالشعب السوري من الفواقر العظام والجرائم الجسام والذي لا يزال يعيش حتى هذه اللحظة فظائع القتل والتعذيب والاعتقال والحصار والتهجير والتي لم تستثن شيخاً ولا طفلاً ولا امرأة ولا وليداً فضلاً عن الشباب والرجال. 

       ولقد تداعى على هذه الجرائم والفظائع إلى جانب النظام الطائفي شبيحته ومن على شاكلتهم من حلفائهم في إيران والعراق وحزب الله وغيرهم من الروافض والباطنية وكذلك من بعض الدول كروسيا والصين. إذ وقفوا مساندين وداعمين لجرائم النظام الطائفي بكل وقاحة وقاموا بدعمه ومناصرته بأرتال المرتزقة وترسانة الأسلحة وشحنات التمويل ، وكل أنواع الدعم المادي والإعلامي والسياسي والمعنوي ، في مشهد قبيح من الطائفية العدوانية المقيتة , كل ذلك يحدث في ظل تواطؤ بعض الدول الغربية وحلفائهم من دول المنطقة . 

       ومن أجل الحفاظ على كيان الأمة وأمنها واستقرارها وإنقاذ بلاد الشام من هذه الجرائم وما يُخطط لأهلها من القتل والتهجير والتشريد، ولأرضهم من التدمير والتمزيق والتقسيم، تداعى علماء الأمة من جميع الأقطار و تدارسوا هذه النازلة وبينوا ما يلي : 

أولاً: وجوب النفرة والجهاد لنصرة إخواننا في سوريا بالنفس والمال والسلاح وكل أنواع الجهاد والنصرة وما من شأنه إنقاذ الشعب السوري من قبضة القتل والإجرام للنظام الطائفي ووجوب العمل على وحدة المسلمين عموماً في مواجهة هذه الجرائم واتخاذ الموقف الحازم الذي ينقذ الأمة وتبرأ به أمام الله الذمة كل حسب استطاعته قال الله تعالى:{ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا * الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا }

ثانياً: اعتبار ما يجرى في أرض الشام من عدوان سافر من النظام الإيراني وحزب الله وحلفائهم الطائفيين على أهلنا في سوريا يُعد حربا معلنة على الإسلام والمسلمين عامة . 

ثالثاً: ترك الفرقة والاختلاف والتنازع بين المسلمين عموماً وبين الثوار والمجاهدين في سوريا خصوصاً وضرورة رجوعهم جميعاً عند التنازع إلى الكتاب والسنة والتسليم لحكمهما، وتغليب جانب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، والحرص على الألفة والاتفاق، وتوحيد الجهود نحو العدو وحفظ القوة والغلبة والبعد عن الفشل بترك التفرق والاختلاف قال تعالى:{ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }. 

رابعاً: يشيد المؤتمرون بموقف كل من تركيا و قطر ويطالبون حكومات العرب والمسلمين ومجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بالوقوف الموقف الحازم ضد النظام الطائفي المجرم وسرعة إغاثة الشعب السوري وثواره بكل ما يحتاجون إليه من عتاد وسلاح لصد عدوان النظام الظالم وحلفائه ووقفه ، وكذا قطع التعامل مع الدول المساندة له كروسيا والصين وإيران وغيرها، وقبول تمثيل سفراء للثوار السوريين والشعب السوري. 

خامساً: دعوة شعوب الإسلامية إلى مقاطعة البضائع والشركات والمصالح الإيرانية انتصارا لدماء الشعب السوري المظلوم. 

سادساً: دعوة قادة الفكر والرأي والسياسة والمؤسسات الإعلامية والأدبية إلى تبنى القضية السورية على الأصعدة كافة ، وتعريف المسلمين بحقيقة ما يجري وما يتعرض له الشعب السوري من القهر والعذاب والنكال والقتل والتشريد. 

سابعاً: تذكير أفراد الجيش السوري بحرمة دماء الأبرياء ، وعدم الركون إلى الظلمة والمجرمين، وأن عليهم وجوباً الانسحاب من جبهات القتال ضد الشعب، والانضمام للقتال في صفوف شعبهم ضد النظام الطائفي المجرم . 

ثامناً: تذكير مجلس الأمن وهيئات الأمم المتحدة بمسئولياتهم الدولية و الإنسانية بإدانة و تجريم وإيقاف ما يحدث في سوريا وبيان أن عدم مؤاخذة النظام الطائفي بجرائمه والسعي في محاكمته ومحاكمة حلفائه من حزب الله والنظام الإيراني وغيرهم يجعل قيم وقوانين تلك الهيئات في نظر عموم المسلمين ذات مكاييل متعددة بحسب ما تقتضيه مصالح الدول الكبرى لا بما تقتضيه العدالة الإنسانية ومصالح وحقوق الإنسان. 

تاسعاً: استنكار تصنيف و اتهام بعض فصائل الثورة السورية بالإرهاب في الوقت الذي يُغض الطرف فيه عن الجرائم الإنسانية للنظام السوري وحلفائه. 

عاشراً: السعي الحثيث من كل منظمات ومؤسسات العمل الخيري والإنساني لنجدة وإغاثة المنكوبين واللاجئين والمشردين السوريين عن ديارهم وأوطانهم , وتقديم المال والعلاج والغذاء وما يكفل لهم العيش والحياة بكرامة. 

أحد عشر: تشكيل لجنة خاصة منبثقة من هذا المؤتمر لزيارة قيادات الدول والعمل على متابعة مقررات وتوصيات المؤتمر والسعي في تحقيقها. 

      { وَلَيَنْصُرَنَّ الله مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } .


علماء الأمة الإسلامية
الروابط والهيئات العلمية المشاركة
صادر بالقاهرة يوم الخميس 4شعبان1434 هـ الموافق 13/6/2013م

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس السادس

خصائص رمضان


      رمضان هذا الشهر الحبيب إلى القلوب  له ميزات عظيمة وخصائص كريمة ميّز وخُصّ بها دون غيره من الشهور، فمنها ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِيْنُ "، ومنها أنه شهر العبودية لله، وتحقيق التقوى والتي هي أعظم وأجل ثمرة للصيام:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِــــبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَــــامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقٌـــونَ}، ولنا معها وقفـــــة بإذن الله في هذه السلسلة المبــــاركة .

       ومن خصائص رمضان أنه  شهر الصبر؛ صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة، فهو شهر يربي النفس على الصبر بجميع أنواعه، ولذلك كان أجر الصائم مما لا يعلمه إلا الله، قال الله في الحديث القدسي:" إِلَّا الصَّومَ فَإِنَّهُ لِيْ وَأَنَا أَجْزِيْ بِهِ "، وقال سبحانه:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} .ومنها أنه شهر المغفرة والرضوان ففي الحديث المتفق عليه:" مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "، " مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " .

       ومن خصائص رمضان أنه شهر المواساة والرحمة والإحسان، والكرم والجود والعرفان، ففي الحديث المتفق على صحته:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ "، ومن خصائصه أن فيه ليلة القدر التي قال الله فيها:{ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، ومن خصائصه أن عمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتفق على صحته . 

        ومن خصائصه أنه شهر العتق من النيران، فلله سبحانه عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة من ليالي رمضان كما عند الترمذي وابن ماجة وصححه الألباني، ومن أعظم خصائصه، وأجل سماته أنه شهر القرآن:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيْ أُنْزِلَ فِيْهِ القُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقَانِ}، فيا أهل القرآن ! ويا أمة القرآن ! أقبلوا على القرآن، فو الله وتالله وبالله إن في الإقبال عليه العز والشرف، والسمو والرفعة في الدنيا والآخرة:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَومِكَ وَسَوفَ تُسْأَلُونَ} .

        جعلنا الله من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وجعلنا من عتقائه في شهر القرآن، ونسأله سبحانه أن يبلغنا رمضان، وأن يجعلنا ممن يصومه ويقومه إيمانا واحتسابا؛ إنه سميع قريب مجيب .   

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس الخامس


فضائل الصيام


       إن الصيام عبادة عظيمة، وطاعة جليلة، وقربة شريفة، فيها فوائدة كثيرة، وثمار كريمة، ولها فضائل جمة، فهو من أعظم أسباب تزكية النفوس، وإصلاح القلوب، وحفظ الجوارح والأركان من الشرور والعصيان، ففي الحديث المتفق على صحته:" يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ "، وفي المتفق عليه أيضا قال صلى الله عليه وسلم:" الصِّيَامُ جُنَّةٌ " فهو وقاية مما يوقع في غضب الله، وحماية مما يوجب عقاب وعذابه، وعند أحمد في المسند:" الصِّيَــــامُ جُنَّــــــةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْــدُ مِــنْ النَّارِ "، حسنه الأرنؤوط والألباني .

       يكفي الصيام شرفا وفضلا أن الله سبحانه الجواد الكريم الرحمن الرحيم اختصه من بين سائر الأعمال فأضاف جزاءه وأجره وثوابه إلى نفسه الكريمة وذاته العلية ففي الحديث المتفق عليه واللفظ لمسلم:" كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي "، والصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، ففي مسند أحمد ومستدرك الحاكم وصححه الألباني:" الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ قَالَ فَيُشَفَّعَانِ " .

       ومن فضائل الصيام أنه من أسباب استجابة الدعاء ومما يشير إلى ذلك ذكر آية إجابة الدعاء بين ثنايا آيات الصيام، وهي قوله سبحانه:{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } ولنا بإذن الله في هذه السلسلة المباركة وقفة أو وقفات مع هذه الآية الكريمة لمعرفة معناها والوقوف على أسرراها .

       ومن فضائل الصيام أن لأصحابه في الجنة بــابــا خاصا لا يدخل منه غيرهم، ففي الحديث المتفق عليه:" إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ " تأمل قوله صلى الله عليه وسلم:" يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ " فيه إشارة إلى ارتواء أصحابه يوم القيام من عطشهم في الأيام الخالية، فالجزاء من جنس العمل، وهذا شرف عظيم ومزية كريمة، جعلنا الله من أهل هذا الباب بمنه وفضله وكرمه .

      وكذلك من فضائل الصيام أن الرائحة التي تنبعث من فم الصائم نهارا وتعافها النفوس وتتقزز منها هي أطيب عند الله أطيب ريحا من المسك، ففي الحديث المتفق على صحته:" وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ " ومن فضائل الصيام أن الصائم يفرح بصومه إذا لقي ربه تبارك وتعالى، ففي الحديث المتفق على صحته:" لِلصَّائِم فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا؛ إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ "، فهنيئا لمن كان فرحا مسرورا في ذلك اليوم:{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }، ويا تعاسة وشقاوة من كان باكيا حزينا على ما فرط في جنب الله، وتعدى من حدود الله، وانتهك من حرمات الله، عافانا الله ووقانا، وغفر لنا ورحمنا وعفا عنا، إنه سميع قريب مجيب .

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس الرابع

لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان


       إن الأيام والشهور إنما تتفاضل بما فيها من الأعمال الصالحة، والسعيد من عمر تلك الأيام والساعات بما فيه رضى رب الأرض والسماوات، وها هو ذا شهر شعبان الذي تشعبت فيه الخيرات، فكان من أحب الشهور إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكن صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان كما في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها، والحكمة من ذلك ما صح بيانه عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيْهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ العَالَمِيْنَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِيْ وَأَنَا صَائِمٌ " .

        إن شهر شعبان قد تصرمت أيامه، وقوضت خيامه وها هي ذي أفضل ليلة فيه على الأبواب ألا وهي ليلة النصف من شعبان، التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ اللهَ لَيَطَّلِعُ فِيْ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيْعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ " رواه ابن ماجة وحسنه الألباني .

      فيا أيها الحبيب إياك إياك من عمل يكون سببا في حرمانك من مغفرة الله سبحانه لك، فالحذر الحذر من الشرك جليه وخفيه، كبيره وصغيره، تفقد نفسك، وقف على عوارها فأصلحه:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيْمٌ}، والحذر الحذر من الشحناء والبغضاء التي تفسد القلوب وتورث النفوس سوءا، والطوية خبثا، سارع بتهذيب نفسك، وتنقيتها من الغل والضغينة على إخوانك حتى تنال مغفرة الله ورحمته، أم أنك في غنى عن مغفرته ورحمته وكرمه وجوده، تعرض لنفحات الله ومنحه وهباته، وليكن حالك حال من يقول :

سَألْزِمُ نَفْسِي الصَّفْحَ عَنْ كُلِّ مُـــــذنِبِ *** وَإِنْ كثُـــــــــرَتْ مِنْــــــــــــهُ إِلـيَّ الجَــــــــرائــــــمُ
فـمَا الـنَّـــــــاسُ إِلَّا وَاحِــــــــــدٌ مِـنْ ثَــــــلاثَــــــــةٍ *** شَــــــرِيفٍ ومَشْـــــــــرُوفٍ ومِـثــــــلٍ مُقَــــاومُ
فـأمَّا الَّــــــذِي فَـوقِـــــي فَـأعـــــــــــرِفُ قَـــــــــدرَهُ *** وَأتـْــبَـــــــــعُ فـِيـــــــهِ الحــــــــــقَّ والحـــــــــــقُّ لازمُ
وأمـّا الَّــــــــذِي دُونـــــــــِي فَـأحــــــــلُمُ دَائِبـــــــــاً *** أصُـــــــونُ بِـــــــــهِ عِـــــرْضِـي وَإِنْ لَامَ لَائِــمُ
وأمَّـا الَّــــــــذِي مِثْـلِــــي فإن زلّ أو هَـــفَـــــــا *** تفضّلتُ إنَّ الفَضْـــــلَ بِالفَخْـــــرِ حَاكمُ

      والحذر كل الحذر من سلوك سبيل أهل البدع في تفضيل هذه الليلة بتخصيص ليلها بقيام، ونهارها بصيام فإن ذلك لم يرد عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، وفعل ذلك من مجانبة هديه صلى الله عليه وسلم، وفعل غير سنته صلى الله عليه وسلم، وإنما الواجب فعله هو التطهر من الشرك بجميع أنواعه، ونزع الضغائن والغل من القلب، والعفو والصفح عمن أساء عليك، وأخطأ في حقك، والله المستعان .

     اللهم بـــارك لنـــا في شعبـــان وبلغنــا رمضـــان، واغفر لنا وارحمنا يا غفور يا رحمن، يا كريم يا منان .

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس الثالث

مسائل مهمة قبل دخول رمضان


المسألة الأولى : قضاء رمضان الماضي : من كان عليه قضاء أيام من رمضان الماضي لزمه المبادرة والمسارعة في قضائها قبل دخول رمضان القادم، فتأخيرها إلى ما بعد رمضان تسويفا وتهاونا من غير عذر ليس من تعظيم أمر الله تبارك وتعالى، ولذا إذا أخرها حتى دخل رمضان فهو آثم وعليه بعد رمضان المبادرة في قضائها، ويلزمه مع القضاء الإطعام عن كل يوم مسكينا، وهو مذهب جمهور العلماء .


المسألة الثانية : الصيام قبل رمضان : من كانت له عادة في الصيام كصيام يوم وإفطار يوم، أو صيام الاثنين والخميس ونحو ذلك أو كان عليه نذر أو قضاء فهذا يجوز له أن يصوم من أول شعبان ووسطه وآخره، والإكثار من التطوع في شهر شعبان مستحب ففي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيْلاً، ولكن ثبت عنه صلى الله عليه وسلم فيما صححه الألباني:" إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوْا "، والنهي هنا إما للكراهة أو التحريم وهو في حق من تعمد الصوم بعد النصف ولم تكن له عادة في الصيام، ولم يكن عليه نذر أو قضاء وأراد أن يتطوع بعد دخول النصف ولم يوصل صيام ما بعد النصف بما قبله، أما من كانت له عادة في الصيام، أو عليه نذر أو قضاء، أو وصل الصوم بعد النصف بما قبله فلا يشمله النهي، ومما يدل على ذلك الحديث المتفق عليه:" لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ "، وهو دليل أيضا على النهي عن الصيام قبل رمضان احتياطا لرمضان لئلا يزاد في رمضان ما ليس منه، وليفصل بين صيام الفرض والنفل.