الاثنين، 24 يونيو 2013

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس الرابع

لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان


       إن الأيام والشهور إنما تتفاضل بما فيها من الأعمال الصالحة، والسعيد من عمر تلك الأيام والساعات بما فيه رضى رب الأرض والسماوات، وها هو ذا شهر شعبان الذي تشعبت فيه الخيرات، فكان من أحب الشهور إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكن صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان كما في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها، والحكمة من ذلك ما صح بيانه عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيْهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ العَالَمِيْنَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِيْ وَأَنَا صَائِمٌ " .

        إن شهر شعبان قد تصرمت أيامه، وقوضت خيامه وها هي ذي أفضل ليلة فيه على الأبواب ألا وهي ليلة النصف من شعبان، التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ اللهَ لَيَطَّلِعُ فِيْ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيْعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ " رواه ابن ماجة وحسنه الألباني .

      فيا أيها الحبيب إياك إياك من عمل يكون سببا في حرمانك من مغفرة الله سبحانه لك، فالحذر الحذر من الشرك جليه وخفيه، كبيره وصغيره، تفقد نفسك، وقف على عوارها فأصلحه:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيْمٌ}، والحذر الحذر من الشحناء والبغضاء التي تفسد القلوب وتورث النفوس سوءا، والطوية خبثا، سارع بتهذيب نفسك، وتنقيتها من الغل والضغينة على إخوانك حتى تنال مغفرة الله ورحمته، أم أنك في غنى عن مغفرته ورحمته وكرمه وجوده، تعرض لنفحات الله ومنحه وهباته، وليكن حالك حال من يقول :

سَألْزِمُ نَفْسِي الصَّفْحَ عَنْ كُلِّ مُـــــذنِبِ *** وَإِنْ كثُـــــــــرَتْ مِنْــــــــــــهُ إِلـيَّ الجَــــــــرائــــــمُ
فـمَا الـنَّـــــــاسُ إِلَّا وَاحِــــــــــدٌ مِـنْ ثَــــــلاثَــــــــةٍ *** شَــــــرِيفٍ ومَشْـــــــــرُوفٍ ومِـثــــــلٍ مُقَــــاومُ
فـأمَّا الَّــــــذِي فَـوقِـــــي فَـأعـــــــــــرِفُ قَـــــــــدرَهُ *** وَأتـْــبَـــــــــعُ فـِيـــــــهِ الحــــــــــقَّ والحـــــــــــقُّ لازمُ
وأمـّا الَّــــــــذِي دُونـــــــــِي فَـأحــــــــلُمُ دَائِبـــــــــاً *** أصُـــــــونُ بِـــــــــهِ عِـــــرْضِـي وَإِنْ لَامَ لَائِــمُ
وأمَّـا الَّــــــــذِي مِثْـلِــــي فإن زلّ أو هَـــفَـــــــا *** تفضّلتُ إنَّ الفَضْـــــلَ بِالفَخْـــــرِ حَاكمُ

      والحذر كل الحذر من سلوك سبيل أهل البدع في تفضيل هذه الليلة بتخصيص ليلها بقيام، ونهارها بصيام فإن ذلك لم يرد عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، وفعل ذلك من مجانبة هديه صلى الله عليه وسلم، وفعل غير سنته صلى الله عليه وسلم، وإنما الواجب فعله هو التطهر من الشرك بجميع أنواعه، ونزع الضغائن والغل من القلب، والعفو والصفح عمن أساء عليك، وأخطأ في حقك، والله المستعان .

     اللهم بـــارك لنـــا في شعبـــان وبلغنــا رمضـــان، واغفر لنا وارحمنا يا غفور يا رحمن، يا كريم يا منان .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

علّق هنا