الاثنين، 24 يونيو 2013

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس الخامس


فضائل الصيام


       إن الصيام عبادة عظيمة، وطاعة جليلة، وقربة شريفة، فيها فوائدة كثيرة، وثمار كريمة، ولها فضائل جمة، فهو من أعظم أسباب تزكية النفوس، وإصلاح القلوب، وحفظ الجوارح والأركان من الشرور والعصيان، ففي الحديث المتفق على صحته:" يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ "، وفي المتفق عليه أيضا قال صلى الله عليه وسلم:" الصِّيَامُ جُنَّةٌ " فهو وقاية مما يوقع في غضب الله، وحماية مما يوجب عقاب وعذابه، وعند أحمد في المسند:" الصِّيَــــامُ جُنَّــــــةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْــدُ مِــنْ النَّارِ "، حسنه الأرنؤوط والألباني .

       يكفي الصيام شرفا وفضلا أن الله سبحانه الجواد الكريم الرحمن الرحيم اختصه من بين سائر الأعمال فأضاف جزاءه وأجره وثوابه إلى نفسه الكريمة وذاته العلية ففي الحديث المتفق عليه واللفظ لمسلم:" كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي "، والصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، ففي مسند أحمد ومستدرك الحاكم وصححه الألباني:" الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ قَالَ فَيُشَفَّعَانِ " .

       ومن فضائل الصيام أنه من أسباب استجابة الدعاء ومما يشير إلى ذلك ذكر آية إجابة الدعاء بين ثنايا آيات الصيام، وهي قوله سبحانه:{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } ولنا بإذن الله في هذه السلسلة المباركة وقفة أو وقفات مع هذه الآية الكريمة لمعرفة معناها والوقوف على أسرراها .

       ومن فضائل الصيام أن لأصحابه في الجنة بــابــا خاصا لا يدخل منه غيرهم، ففي الحديث المتفق عليه:" إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ " تأمل قوله صلى الله عليه وسلم:" يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ " فيه إشارة إلى ارتواء أصحابه يوم القيام من عطشهم في الأيام الخالية، فالجزاء من جنس العمل، وهذا شرف عظيم ومزية كريمة، جعلنا الله من أهل هذا الباب بمنه وفضله وكرمه .

      وكذلك من فضائل الصيام أن الرائحة التي تنبعث من فم الصائم نهارا وتعافها النفوس وتتقزز منها هي أطيب عند الله أطيب ريحا من المسك، ففي الحديث المتفق على صحته:" وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ " ومن فضائل الصيام أن الصائم يفرح بصومه إذا لقي ربه تبارك وتعالى، ففي الحديث المتفق على صحته:" لِلصَّائِم فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا؛ إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ "، فهنيئا لمن كان فرحا مسرورا في ذلك اليوم:{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }، ويا تعاسة وشقاوة من كان باكيا حزينا على ما فرط في جنب الله، وتعدى من حدود الله، وانتهك من حرمات الله، عافانا الله ووقانا، وغفر لنا ورحمنا وعفا عنا، إنه سميع قريب مجيب .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

علّق هنا