عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ البَدْرِيْ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهِ عَلَيهِ وَسَلَّمَ:" آخِرُ مَا
أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِيِ
فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ " أخرجه ابن عساكر في تاريخه (120/53)، وابن أبي
شيبة في مصنفه (25348)، وأخرجه البخاري في صحيحه (6120) بلفظ:" إِنَّ
مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ .... " .
معنى الحديث
أثر عن الأنبياء المتقدمين، وتداوله الناس
بينهم، وتوارثوه عنهم قرنا بعد قرن أنه: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت، وللعلماء في
معنى هذه الجملة قولان:
الأول: أنه أمر على معنى الذم والنهي عنه، فهو إما أمر بمعنى
التهديد والوعيد والمعنى: إذا لم يكن لك حياء فاعمل ماشئت فإن الله يجازيك عليه،
أو هو أمر ومعناه الخبر، والمعنى: أن من لم يستحي صنع ما شاء، فالمانع من فعل
القبائح هو الحياء، فمن لم يكن له حياء في كل فحشاء ومنكر .
الثاني: أنه أمر بفعل ما يشاء على ظاهر لفظه، والمعنى: إذا كان
الذي تريد فعله مما يستحيى من فعله لا من الله ولا من الناس، لكونه من أفعال
الطاعات أو من جميل الأخلاق والآداب المستحسنة فاصنع منه حينئذ ما شئت . انتهى
ملخصا من كلام ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم .
فقه الحديث :
1ــ دليل على تعظيم أمر الحياء فهو من أعظم خصال
الإيمان .
2ــ دليل على أن النبوات السابقة جاءت بأنه إذا
لم تستحي فاصنع ما شئت، واشتهر ذلك بين الناس حتى بلغ أول هذه الأمة .
3ــ دليل على أن الحياء مانع من فعل القبائح،
فمن نزع حياؤه أقبل عليها، وانهمك فيها .
4ــ دليل على أن الحياء قرين الإيمان، فإذا رفع
الحياء رفع الإيمان .