الخميس، 22 سبتمبر 2011

الشعب يريد إسقاط ...!!؟؟

  الشَّعْبُ يُرِيْدُ إِسْقَاطَ ...!!!؟؟ 

     لقد ثارت شعوب وانتفضت أقطار، ثارت على الطغيان والجبروت والاستعباد، ثارت لتنال حريّتها، فكم استُعْبِدَت سنيناً، واضْطُّهِدَت أعواماً، آن لها أن تدفع الظلم وتغلبه، وتذلّ الطغيان وتهينه، وتقمع الباطل وتهزمه، وهذا ما حدث وحصل فيما سمّي بربيع الثورات العربية، إنها الثورة لأجل الحريّة ... وما أغلى الحريّة، ارتفعت الشعارات التي تنادي بإسقاط تلك الأنظمة المستبدّة، والحكومات الجائرة، لقد امتلأت آفاق تلك الأقطار، ورجّت أرجاء تلك البلدان: الشعب يريد إسقاط النظام، الشعب يريد إسقاط الرئيس . 
      ومن وحي ربيع تلك الثورات العربية؛ كما انتفضت تلك الشعوب لأجل الحرية؛ وما أغلى الحرية !! وما أجمل الحرية !! كما ثارت تلك الشعوب لإسقاط تلك الأنظمة المستبدّة، هناك ثورة ينبغي على الشعوب أن تسعى جاهدة في إشعال شرارتها، وتصطلي بقبسها، ثورة ينبغي على الشعوب كل الشعوب أن تشارك فيها، بجميع فئاتها ذكوراً وإناثاً، شيباً وشباباً، إنها ثورة مُطالبٌ بها جميع شرائح شعوب المعمورة، الإنسان جنس الإنسان، بأيّ لون أو صفة، ومن أيّ قطر أو بلد، وأيّاً كانت لغته أو لهجته، إنها ثورة الإنسانية أجمع ... إن كانت ثورة بعض البلاد العربية لأجل الحريّة، فهذه الثورة لأجل تحقيق أغلى الحريّات وأعلاها، وأعظمها وأسماها، وأثمنها وأرقاها، إن كانت ثورة بعض البلاد العربية لإسقاط نظام مستبدٍّ، فهذه الثورة لإسقاط رأس الشرور وعنوان الاستبداد، إنّها ثورة تختلف عن الثورات العربية لأنها مقدمّة عليها، إذ هي الأساس الذي تبنى عليه، والأصل الذي تنتسب إليه .
     إن هذه الثورة أخي الحبيب هي ثورة لتحقيق الحريّة من عبوديّة غير الله إلى عبوديّة الله، إذ العبوديّة لغير الله سبحانه تعاسة وشقاء، وحرمان وبلاء، وخسران الآخرة والأولى:" تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيصَةِ؛ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطََ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ "، إنها ثورة لتحقيق العبودية لله؛ والسعادة الدنيوية والأخروية الأبديّة السرمديّة منوطة بالتزام عتبة عبوديّة الله سبحانه، فمن لزم عتبة العبودية نال السعادة الأبديّة، ثورة لإسقاط الذنوب والخطايا بالانتصار على الطواغيت، ورأس الطواغيت إبليس:{ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ }[يس:60ـ61]، ثورة لتحقيق الحرية من عبودية النفس التي بين جنبيك:{ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ }[يوسف:53]، ثورة لتحقيق الحريّة من عبوديّة الهوى، فقتيل الهوى خاسر محروم:{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }[الجاثية:23]، إنها ثورة على طغيان النفس والهوى والشيطان والشهوات:{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }[آل عمران:14]، المرجع إلى الله سبحانه شئنا أم أبينا فلا مردّ لنا إلا إليه، فلم لا يكون الرجوع منّا إلى الله سبحانه ونحن ما زلنا في زمن الإمهال عن طواعية وتذلل وخضوع واستسلام، لأن إخلاص العبودية لله على ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفيل بتحريرنا من عبوديّة غير الله، وهو كذلك كفيل بتصحيح مسار ثوراتنا على الطواغيت البشرية التي حكمت رقاب العباد بغير حكم الله الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وساستهم بغير منهج الله، تركت كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقـادتهم بحثالة أذهان البشـرية، وزبـالة أفكار الإنسانية؛ شرقية كانت أم غربية:{ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }[ المائدة:50] .
     والله وبالله وتالله إن عزّنا وسموّنا وعلوّنا ورفعتنا ومجدنا وسعادتنا في العبودية لله والأخذ بوحي الله؛ كتاباً وسنةً:{ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }[الأنبياء:10]، إنه الشرف العظيم الذي سنسأل عن تضييعه وهجره وعدم التمسّك والأخذ به:{ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ }[الزخرف:44]، أما آن لنا أن نرفع شعار: الشعب يريد إسقاط الذنوب، حريّة حريّة خالصة لله، حريّة حريّة توبة لله:{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ }[الحديد:16] .
     الله سبحانه يحب منّا أن نسقط ذنوبنا بالتوبة إليه والإقبال عليه:{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }[الزمر:53]، بل إن الله سبحانه يفرح منّا أن نبذل الجهد ونشمّر عن ساعد الجدّ لإسقاط ذنوبنا:" لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلاَةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ؛ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِيْ ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ؛ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِيْ وَأَنَا رَبُّكَ. أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ " .
    فنسأل الله سبحانه أن يسقط عنا ذنوبنا بغفرانها، ويزيل عنا سيئاتنا بتكفيرها، ويذهب عنا عيوبنا بتطهيرها، ويرحمنا برحمته، ويحررنا من كل عبوديّة إلا عبوديّته؛ إنه سميع قريب مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين .

الجمعة، 2 سبتمبر 2011

لماذا صلاة الفجر


لِمَاذَا صَلَاةُ الْفَجْرِ ؟!  


      صلاة الفجر هي الفاتحة لكل يوم في حياة المسلم، تعليماً وإشعاراً له أن يبدأ كل أموره بطاعة الله، والإقبال عليه، والقرب منه، والإنابة إليه، شكراً له على نعمائه، واعترافاً منه بفضله، صلاة الفجر هي صلاة المجاهدة وكل الصلوات كذلك؛ لكنّ الفجر أعظمها مجاهدة، وأهل المجاهدة للهدى موفَّقُون، وبمعيَّةِ الله سبحانه يفخرون:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}، صلاة الفجر هي أقرب الصلوات إلى الله سبحانه إذ ينزل الرب تبارك وتعالى في الثلث الأخير من الليل نزولاً يليق بجلاله إلى السماء الدنيا، وأقرب أوقات الصلوات لهذا النزول هو وقت صلاة الفجر.
      صلاة الفجر محفل من محافل الخير، ومجمع من مجامع النور، فهي الصلاة المشهودة التي تشهدها الملائكة:" يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ "، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ: فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً}، صلاة الفجر سمَّاها الله في هذه الآية الكريمة قرآناً إيذاناً بفضلها، وإعلاماً بشرفها، وإخباراً بمكانتها .
     صلاة الفجر أقسم الله بوقتها في كتابه:{وَالْفَجْرِ} بياناً لعظمته، وإشعاراً بجلالته، فهو من أهدأ الأوقات، وقت الصفاء والنقاء، توزّع فيه الأرزاق، وتتنزل فيه البركات، صلاة الفجر خروجك إليها في ظلمة الليل يورثك نوراً في يومٍ أنت بحاجة فيه إلى الأنوار، فهذا خيرٌ يُهدَى إليك، وبشرى تُزَفُّ بين يديك على لسان حبيب قلبي وقرة عيني صلى الله عليه وسلم:" بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي ظُلَمِ اللَّيْلِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، صلاة الفجر من يحضرها كان من الأطهار الأبرار الذين يكتبون في وفد الرحيم الرحمن، ويحظون بضيافة الكريم الغفار، فعند الطبراني وحسّنه:" مَنْ تَوَضَّأَ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى يُصَلِّيَ الْفَجْرَ كُتِبَتْ صَلاتُهُ يَوْمَئِذٍ فِي صَلاةِ الأَبْرَارِ، وَكُتِبَ فِي وَفْدِ الرَّحْمَنِ ".
      صلاة الفجر مؤدِّيها يصبح في حفظ الله وجواره، ويظل يومه في أمانه وذمّته، ومن ذا الذي يتجرّأُ على إخفار ذمّة الله:" مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِيْ ذِمَّةِ اللَّهِ، فَلاَ يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِيْ نَارِ جَهَنَّمَ "، صلاةِ الفجر محافظتك عليها وقيامك بها سببٌ يجعلك من أهل النّظر إلى وجه الله تبارك وتعالى، وهو أعظمُ نعيمٍ ينعم الله به على أهلِ الجنة، ألا تحبّ أن تكون إلى وجه الله من الناظرين، وممن هم عن ربهم ليسوا بمحجوبين؟ فاسمع قول الحبيب صلى الله عليه وسلم:" إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هذَا الْقَمَرَ، لاَ تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا "، إنها صلاة الفجر والعصر؛ الصلاتان اللّتان تحجبان صاحبهما عن ولوج النار:" لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا "، إنّهما البردان اللّذان قـال فيهما صلى الله عليه وسلم:" مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ".
      صلاة الفجر فيها مضاعفة المثوبة وعظيم الأجر، فأداؤها في جماعة يعدل قيام ليلة:" مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِيْ جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِيْ جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ "، صلاة الفجر دليل الإيمان وعلامة الصدق وبراءة من النفاق أجارنا الله وعافنا:" لَيْسَ صَلاَةٌ أثْقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنْ صَلاَةِ الفَجْرِ وَالعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواًويكفي صلاة الفجر فخراً أنها خُصّت ركعتاها القبلية دون سائر الرواتب بالمحافظة عليها حضراً وسفراً، وهاتان الركعتان قال فيهما صلى الله عليه وسلم:" لَهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا " .
      صلاة الفجر نومك عنها يعرضك لعذاب الله وسخطه، ففي حديث رؤيا رآها النبي صلى الله عليه وسلم في منامه، وهو في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال:" وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي عَلَيْهِ بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ بِهَا رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَهُ الْحَجَرُ هَاهُنَا، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ يَأْخُذُهُ، فَمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَل الْمَرَّةَ الْأُولَى، ثم ذكر له أنه هو: الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنْ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ "، صلاة الفجر نومك عنها يجعلك ممن استجاب لعدوّ الله إبليس وهو يعقِد على قافِية رأسِك عند نومك ثلاثَ عُقَد، يضرِب على كلِّ عُقدة: عليك ليلٌ طويل فارقد، وحينها تصبح خبيث النفس كسلان، مغضباً للرحمن، ملتحفا بالحرمان، رابحا للخسران، ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ:" ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِيْ أُذُنَيْهِ "، أترضى أيّها الحبيب أن تكون للشيطان أسيراً، وفي رحابه غادياً، مستحوذاً عليك ولك غالباً، صادّاً لك عن سماع الخير والهدى، داعياً لك إلى الهلاك والردى، ليكون مصيرك مصيره؛ جهنم هي المأوى .
      فيا أيّها الحبيب طهّر قلبك، وحاسب نفسك، وابعث جوارحك، وانهض بروحك، مستعيناً بربك، سائلاً منه عوناً ومدداً من عنده يوفّقك به لطاعته، ويعينك على ترك معصيته، ويجنبك غضبه وسخطه، ويعينك وينصرك على عدوّك وعدوّه، وفقنا الله لصراطه المستقيم وطريقه القويم، إنه سميع عليم . 

الخميس، 1 سبتمبر 2011

أخاطب حبك لله


أُخَاطِبُ حُبَّكَ لله


     صلاةُ يقوم إليها المحافظ عليها من لذيذ نومه ووثير فراشِه، تاركاً راحته لأن راحته في وقوفه بين يدي ربّه، شعاره قول حبيبه وقرّة عينه؛ النبي الكريم والرسول العظيم صلى الله عليه وسلم:" أَرِحْنَـا بِهَا يَا بِلَالُ، أَرِحْنَـا بِهَا يَا بِلَالُ "، يهزّه إليها حبُّ الله وجليل رجائه، ويحدوه خوفه من عقابه والرغبة في ثوابه، ويوقظه شكرُه لربّه وعِلمُه بعظيم نعمائه، لا يحرِّكه اتجاهها ويبعثه إليها سِوى طاعةٌ ربّه وابتغاء وجهه سبحانه وجزيل جزائه، وهذا هو عنوان الخير والهدى، وبرهان الدّين والتّقى .
     إنّها صلاة الفجر؛ وكثير هم الذين يضيّعون صلاة الفجر، وكأنها قد سقطت من قواميسهم، أو أنها أمر ثانويٌّ في حياتهم، يصلونها عند طلوع الشمس أو بعد طلوعها، أو لربما بعد انقضاء وقتها بساعات، ومنهم من يقوم بصلاتها قبل الظهر مباشرة، ولا يقضيها آخرون ظنّاً منهم أن وقتها قد خرج فلا تصلّى؛ وهذا من الجهل العظيم والخطأ الجسيم نسأل الله العافية .
     فيامن إذا سئلت: هل تحب الله ؟ أجبت بلا تردّد: نعم، ومن ذا الذي لا يحب الله؟ وحقّ لك لأنك مسلم؛ حبّ الله عليه فرض، لكن اعلم أيّها الحبيب أن للإيمان ذوق وطعم وحلاوة وعذوبة لا يجدها إلا من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، فحبّ الله فوق كل حبٍّ، ومراده على كلِّ مراد .
     إن الواحد منّا إذا أحبّ آخر حبّـاً صادقـاً .. أحب لقاءه .. بل تجده يفكـّـر فيه معظم وقته، يعيش معه دقائق عمره وثواني حياته ... وكلما حانت لحظة اللقاء لم يستطع النوم، ولم يتمالك نفسه .. حتى يلاقي حبيبه .. والله تبارك وتعالى أعظم محبوب، وأجل مرغوب، وأكبر مرهوب جلّ في علاه .
    فبالله عليك؛ هذا الذي يتكاسل عن صلاة الفجر ويتهاون في أدائها هل يكون ممّن عَمُر قلبُه بحبّ الله؟ هل هو حقّاً ممّن يعظّمون الله ويريدون لقاءه، ويرجون رحمته ويخافون عذابه ؟ .
     سؤال أترك الجواب عليه لمن أدرك أهميّة الجواب وعِظَم السُّؤال، رزقنا الله حسن المآل .