الخميس، 27 يونيو 2013

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس العاشر

آداب الصيام ومستحباته


أولا : السحور : يستحب للصائم أن يتسحر بالاتفاق، فهو مندوب إليه مستحب لا إثم على من تركه إجماعا كما قال ابن المنذر، , وفي الحديث المتفق على صحته قال صلى الله عليه وسلم:" تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً "، وفي السحور مخالفة لأهل الكتاب ففي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:" فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ "، والسحور ما يأكله الصائم وقت السحر قبل إمساكه، ويحصل بكثير المأكول وقليله ولو بالماء .

ثانيا : تأخير السحور : يستحب تأخير السحور إلى آخر جزء من الليل ما لم يخش طلوع الفجر، لقوله تعالى:{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ }[البقرة:187]، وفي الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم:" كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ، فَإِنَّهُ لا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ " .

ثالثا : تعجيل الفطر : يستحب تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس؛ ففي الحديث المتفق على صحته قال صلى الله عليه وسلم:" لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ "، وتأخير الفطر إلى أن تشتبك النجوم من فعل اليهود وتبعهم عليه الرافضة .

رابعا : ما يفطر عليه : يسن أن يكون فطره على رطب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن لم يجد فعلى ماء، فعند أحمد في مسنده وأبو داود في سننه وصححه الألباني: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتَمَرَاتٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ " .

خامسا : ما يقول عند فطره : يسن أن يأتي بالدعاء الوارد الذي كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أفطر قاله كما قال ابن عمر رضي الله عنهما وهو:" ذهب الظَّمأ، وابتلتِ العرُوقُ، وثبَتَ الأجر إن شاء الله " رواه أبو داود وحسنه الألباني، وأما حديث:" اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ، وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ " وهو عند أبي داود أيضا فقد ضعفه الألباني،  ويسن للصائم عند فطره أن يدعو بما شاء فعند البيهقي في شعبه وصححه الألباني قال صلى الله عليه وسلم:" ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ " .

سادسا : مقابلة الإساءة بالإحسان : فيحفظ لسانه من السب والشتم، وجوارحه من الإساءة للآخرين ففي الحديث المتفق عليه:" الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ "، وكذلك في المتفق عليه قوله صلى الله عليه وسلم:" وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ "، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: إذا صمت؛ فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك سكينة ووقار يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك، ويوم فطرك سواء . فشرف رمضان به يعظم إثم المعصية فيه، فالمعصية تعظم عقوبتها بشرف الزمان والمكان، وعند البخاري في صحيحه قال صلى الله عليه وسلم:" مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ "، وفي مسند أحمد وجود إسناده الأرنؤوط، وصححه الألباني قال صلى الله عليه وسلم:" رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ " .

      فينبغي لك أيها الصائم الكريم أن تحفظ جوارحك عما حرم الله سبحانه، في نهار رمضان وليله على السواء، لئلا يكون ذلك سببا في نقصان أجر صيامك، فيكون حظك من صيامك الجوع والعطش؛ عافانا الله ورحمنا وعفا عنا إنه سميع قريب مجيب .

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس الثامن

مــــن يـــبـــاح لــهم الــفطـــر


أولا : المريض : يباح له الفطر في رمضان إجماعا؛ قال سبحانه:{ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، والمرض المبيح للفطر هو المرض الشديد الذي يشق معه الصوم، أو يخشى زيادته، أو تأخر شفائه، فإن خشي الهلاك به فالفطر واجب وهو مذهب الجمهور، وأما المرض الخفيف اليسير الذي لا يشق معه الصوم ولا يحصل به الأذى كزكام أو وجع ضرس ونحو ذلك فهو غير مبيح للفطر وهو عليه جماهير أهل العلم، والمريض الذي مرضه يرجى برؤه فأفطر إذا شفي عليه قضاء ما أفطره من أيام إجماعا، وأما الذي مرضه لا يرجى برؤه كالسرطان وغيره فهذا يطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه، وهو مذهب الجمهور .

ثانيا : المسافر : يباح له الفطر في رمضان إجماعا؛ قال سبحانه:{ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }، والسفر المبيح للفطر هو السفر الذي بلغ مسافة القصر وقدروها بنحو ثمانين كيلو مترا؛ وهو مذهب الجمهور، فمن لحقه بالصوم في سفره مشقة وكان الفطر أرفق به؛ فالفطر في حقه أفضل، بخلاف من لم يحصل له مشقة فالصوم في حقه أفضل؛ وهو مذهب الجمهور، وذهب الحنابلة إلى أن من لم يحصل له بالصوم في السفر مشقة فالفطر في حقه أفضل وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، أما المسافر الذي يخاف الهلاك بصومه فيجب عليه الفطر؛ وهو مذهب الجمهور، وإذا أفطر المسافر وجب عليه قضاء ما أفطره إجماعا .

ثالثا : الكبير ذكرا أو أنثى : يباح له الفطر إذا كان لا يطيق الصيام إجماعا؛ قال سبحانه:{ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ }، فإذا أفطر الرجل الكبير والمرأة الكبيرة لعجزهما عن الصيام أطعما عن كل يوم مسكينا وهو مذهب الجمهور، أما الكبير الذي فقد التمييز وحصل له التخريف والهذيان فهذا لا صوم عليه ولا إطعام، لسقوط التكليف عنه بزوال العقل .

رابعا : الحامل والمرضع : يباح لهما الفطر في رمضان سواء خافتا على نفسيهما أو على ولديهما، وهو مذهب جماهير أهل العلم، فإذا أفطرتا خوفا على نفسيهما فعليهما القضاء، أو خافتا على ولديهما فعليهما القضاء والكفارة وهو مذهب الجمهور، وذهب طائفة من أهل العلم أن عليهما القضاء في كلا الحالين ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية .