الثلاثاء، 5 يوليو 2011

الأَفْعَـالُ النَّبَوِيَّةُ مِنْ حَيثُ الاتَّباعِ وَالتَّأسِّيْ


الأَفْعَـالُ النَّبَـوِيَّةُ مِنْ حَيثُ الاتَّبـاعِ وَالتَّـأَسِّيْ 

     تنقسم أفعـال النبي صلى الله عليه وسلم من حيث الاتبـاع والتـّأسّي إلى ثــلاثة أقسـام هي:

1- الأفعـال الجبلِّيَّـة:

     كالقيـام والقعـود والشرب والنوم وغير ذلك، وهي نوعان من جهة التأسي والإتباع:

& نوع جاء النص الخارج عن الفعل بإيجابه أو ندبه، كالأكل باليمين، والشرب ثلاثاً وقاعداً، والنوم على الشق الأيمن فهذا يشرع التأسي والاقتداء به صلى الله عليه وسلم في ذلك .

& نوع لم يأت نص دال على مشروعيته، وهو باق على الأصل من حيث الإباحة للجميع؛ وذلك لأن الأوصاف التي يطبع عليها الإنسان كالشهوة إلى الطعام والشراب لا يطلب برفعها ولا بإزالة ما غرز في الجبلة منها [ الموافقات للشاطبي ] . وهذا النوع محل خلاف بين أهل العلم في مشروعية التأسي والاقتداء به صلى الله عليه وسلم فيه على جهة الندب على قولين:

الأول:- أن التأسي والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا النوع مندوب، وقد كان ابن عمر رضي الله عنه يفعل مثل ذلك، وإن كان قد فعله  صلى الله عليه وسلم اتفاقاً ولم يقصده .

الثاني:- أنه لا يشرع التأسي والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا قول وفعل جمهور الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ومنهم على وجه الخصوص عمر الفاروق وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما .

     ويلحق بالأفعال الجبلية الأفعال التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم بمقتضى العرف والعادة كلبس الجبة والعمامة، وإطالة الشعر، ونحو ذلك، إذ لا تدل على غير الإباحة إلا إذا ورد دليل على مشروعيتها [أفعال النبي صلى الله عليه وسلم للأشقر] .

2- الأفعال التي علم أنها من خصائصه صلى الله عليه وسلم:

    ذكر أهل العلم في باب خصائصه صلى الله عليه وسلم أموراً من المباحات والواجبات والمحرّمات، بعضها متفق على حكمه بالنسبة له صلى الله عليه وسلم وبعضها الآخر فيه خلاف، فمن المباح له: الزيادة على أربع نسوة في النكاح، والنكاح بلا مهر، ونكاح الموهوبة. ومن الواجب عليه: وجوب التهجد وقيام الليل. ومن المحرّم عليه: الأكل من الصدقة، وأكل ذي الرائحة الخبيثة كالثوم والبصل.

    فهذه خصائص لا يشاركه فيها أحد ولا يُقتدَى ويتأسى به فيها [الأحكام للآمدي]؛ قال الشوكاني رحمه الله: والحق أنه لا يُقتدَى به صلى الله عليه وسلم فيما صرّح لنا بأنه خاص به كائناً ما كان إلا بشرع يخصنا [إرشاد الفحول].

    ويلحق بهذا ويرجع إليه ما خص به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه دون بعض؛ كشهادة خزيمة، وأضحية أبي بردة [الموافقات للشاطبي]، كما يلحق به ما خص به صلى الله عليه وسلم أهل بيته كالمنع من أكل الصدقة.

3- الأفعال التعبدية :

     وهي الأفعال غير الجبلية وغير الخاصة التي يقصد بها التشريع، فهذه مطلوب الاقتداء والتأسي به صلى الله عليه وسلم فيها، وهي الأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى:{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }[الأحزاب: 21] إلا أن صفتها الشرعية تختلف من حيث الإيجاب أو الندب بحسب القرائن، والله تعالى أعلم.