الأحد، 22 يوليو 2012

بيان رابطة علماء المسلمين بشأن الأحداث في بورما

بيان رابطة علماء المسلمين بشأن الأحداث في بورما
موقع المسلم  | 14/8/1433 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم

(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)

الحمدلله رب العالمين، وصلى الله وسلم على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعــد:

فإننا في رابطة علماء المسلمين، نتابع بقلقٍ وألمٍ بالغين ما يجري على إخواننا المسلمين بإقليم (أراكان) بدولة بورما، من مذابح بشعةٍ، وجرائم وحشيةٍ ترتكبها العصابات البوذية المتطرفة، في ظل تواطؤ من الحكومة المحلية، مع صمتٍ وخذلان عالميِّ مشينٍ.

فالمسلمون اليوم هناك يُذَبَّحون ويعذَّبون–شيوخاً ونساءً وأطفالاً-، ويطردون من ديارهم، وتستباح دماؤهم وأموالهم، وما لهم ذنبٌ ارتكبوه إلا أن يقولوا: (ربنا الله).

وبما أن الأوضاع هناك تتجه للتصعيد، وبما أن ضحايا تلك المذابح هم من الأقلية المسلمة المستضعفة الذين لا يملكون قوةً يدفعون بها عن أنفسهم وذراريهم، ولا يجدون في الأرضِ مأوى يفرون إليه، فإننا نناشد قادة وعلماء المسلمين وجمعياتهم ومنظامتهم، أن يقوموا بواجبهم تجاه إخوانهم المظلومين هناك، وأن يبادروا لبذل المساعي في سبيل كفِّ العدوان عنهم، وإيقاف نزف دمائهم، وتقديم المساعدة والعون لهم.

كما نناشد العاملين في مجال الإعلام، والقائمين على منابره وقنواته، أن ينهضوا بواجبهم في التعريف بقضية الأقلية المسلمة ببورما، وأن يجتهدوا في إطلاع العالم على معاناتهم وما يلقونه من ظلمٍ واضطهادٍ وقتلٍ وتشريدٍ. ونذكرهم بضرورة أن يستشعروا مسؤوليتهم لئلا يسهموا في هذا التجاهل والتغافل الإعلامي الأثيم.

وختاماً: نوصي إخواننا ببورما بالصبر على مصابهم، ونذكرهم أن البلاء سنةٌ ماضيةٌ عاقبتها النصر والتمكين، متى قوبلت بالصبر والمصابرة وطلب العون من الله قبل غيره، مع بذل الوسع في مدافعة المعتدي، وردعه عن بغيه وظلمه. قال تعالى: (أذن للذين يُقاتلون بأنهم ظلموا، وإن الله على نصرهم لقديرٌ. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ، إلا أن يقولوا ربنا الله).

وصلى الله على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.

أمّنْ يُجِيْبُ المُضْطَرَّ إذَا دَعَاهُ

{أمّنْ يُجِيْبُ المُضْطَرَّ إذَا دَعَاهُ}

       سؤال وقفت أمام جلاله حائرا، وله متأملا، وفيه متفكراً، وهكذا ينبغي أن يقف أمامه كلُّ مسلم، فمن ذا الذي سأله ؟ ومن ذا الذي سئل ؟ وما هو السؤال ؟ الذي سأله هو الله؛ من على العرش استوى، الذي يعلم السر وأخفى، والذي سُئِلَ هذا السؤال هو أنت يا من جعل الله له عينين، ولسانا وشفتين، خلقك فسواك فعدلك، في أي صورة ما شاء ركّبك، والسؤال هو قول الله جل في علاه:{أمّنْ يُجِيْبُ المُضْطَرَّ إذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلُفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلَيْلًا مَا تَذَكَّرُوْنَ} ...

      المضطر الذي بلغ به الكرب كل مبلغ، المضطر الذي نزلت به المصائب، وحلت به النوائب فأحاطت به من كل جانب ...

      المضطر إلى من يلجأ؟ وبمن يستغيث؟ ومن ذا الذي يسأل؟ الذي يجيب المضطر إذا دعاه:{أمّنْ يُجِيْبُ المُضْطَرَّ إذَا دَعَاهُ} ...

      من ذا الذي يقدّر المقدور؟ من ذا الذي يصلح الأمور؟ من ذا الذي يشرح الصدور؟ من ذا الذي ييسر السبل؟ من ذا الذي يفك الحيل؟ من ذا الذي يجيب السؤال؟ من ذا الذي ينير الآمال؟ من ذا الذي يغير الأحوال؟ من ذي الجمال ؟ من ذي الجلال ؟ من ذي الكمال؟ إنه الله الواحد الأحد:

إذا اشتملت على اليـأس القلوب *** وضاق بما به الصـدر الرحيب
وأوطنــت المكــاره واطمأنــت *** وأرست فـي أماكنها الخطــوب
ولم تر لانكشــاف الضـر نفعــاً *** وما أجـــدى بحيلتــه الأريـــب
أتـاك على قنــوط منــك غــوث *** يمــنّ بـه اللطـيف المستجيــب
فكــل الحادثــات وإن تنــاهـــت *** فمـوصــول بها فــرج قــريب

       تهب الرياح العواصف، وتضطرب الأمواج القواصف، فتتحرك السفن، وتتلاعب بها الأمواج، إلى من حينها يلجأ ركابها؟ إلى الذي يجيب المضطر إذا دعاه ...

       تذوي الأشجار، وتذبل الأزهار، وتجف الضروع، وتيبس الزروع، إلى من يلجأ عندها المستغيثون؟ ومن يسأل السائلون؟ الذي يجيب المضطر إذا دعاه:

عسى فرج يكون عسى نعلل نفسنا بعسى
فلا تجــزع وإن لاقيت همّــًا يقطـع النفسا
فأقــرب ما يكون العبد من فــرج إذا يئسا

        يونس بن متى عليه السلام يقع في ظلمات ثلاث: ظلمة ليل هائج، وظلمة بحر مائج، وبطن حوت، ظلمات بعضها فوق بعض، فمن يسأل حينها؟ ومن يرجو؟ وإلى من يشتكي؟ لا زوجة ولا ولد، ولا قرابة ولا عشيرة، ولا طقوم إنقاذ، ولا غير ذلك من الأسباب، حينها تذكر يونس عليه السلام ملك الملوك، مجيب المضطر إذا دعاه، كاشف  السوء، مزيل الهم، مذهب الغم، فهتف في تلك الظلمات معلنها عقيدة ربانية، ودعوة سماوية:{ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِيْنَ}، فجاء الفرج، وحلت النجاة بعد تلك الدعوة، إنها دعوة عظيمة، قال فيها حبيبي صلى الله عليه وسلم:" دَعْوَةُ ذِيْ النُّونِ؛ مَا دَعَا بِهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ فِيْ شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللهُ لَهُ ".

     فيا مكروب ! ويا محزون ! ويا مهموم ! ويا مغموم ! ويا مديون ! ويا مذنب ! ويا ظالم لنفسه ! عليك بدعوة ذي النون:{ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِيْنَ}، ذكر ابن الجوزي رحمه الله في صفة الصفوة أن رجلا من التجار الصالحين خرج في تجارته، فأدركه لص اعترض له طريقه، فأخرجه إلى الصحراء فلما خلا به وانفرد، أخرج سكينه ليذبحه، فقال الرجل الصالح لهذا المجرم: بالله عليك اتركني أصلي ركعتين، فقال له: صل ما شئت، فقام الرجل متجها إلى الله مستقبلا القبلة: مكبرا لله، مصليا له، راجيا منه، لأنه هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه، قال الرجل: ارتج علي القرآن، فما أدري ما الذي اقرأ؟ وبماذا يفتح الله علي ؟ فما تذكرت حينها إلا قول الله:{ أمّنْ يُجِيْبُ المُضْطَرَّ إذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلُفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلَيْلًا مَا تَذَكَّرُوْنَ }، فدعوت الله بها، ولم أسلم من تلك الركعتين، وإذا بفارس ينزل على فرس من السماء، فيضرب  ذلكم اللص بخنجر معه في يده فيقتله، فقلت له حينها: من أنت؟ من أنت ؟ فقال: أنا رسول من يجيب المضطر إذا دعاه .

      عند أحمد في المسند وهو في الصحيحة للألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليه أعرابي فقال: إلى ما تدعو يا محمد؟ فقال صلى الله عليه وسلم:" أَدْعُو إِلَى اللهِ، وَهَلْ تَعْرِفُ مَنْ هُوَ اللهُ ؟ " فقال الأعرابي: لا، فقال صلى الله عليه وسلم:" اللهُ إِذَا نَزَلَ بِكَ ضُرٌّ دَعَوتَهُ فَكَشَفَهُ عَنْكَ، اللهُ إِذَا ضَلَّ بَعِيْرُكَ فِيْ الصَّحْرَاء فَدَعَوتَهُ رَدَّهُ عَلَيْكَ، اللهُ إِذَا نَزَلَتْ بِكَ سَنَةُ قَحْطٍ مُجْدِبَةٌ فَدَعَوْتَهُ أَمْطَرَ عَلَيْكَ " إنه الله ! من يجيب المضطر إذا دعاه، جل في علاه .

       الخليل إبراهيم عليه السلام، إمام الحنيفية، وسيد الموحدين، لما ألقي في النار، إلى من لجأ حينها، أتاه جبريل في تلك اللحظة وهو في طريقه إلى النار التي سجرت له، هاوياً إليها، قال له: ألك حاجة يا إبراهيم، فقال الخليل عليه السلام: أما إليك فلا، وإما إلى الله فنعم، حسبنا الله فنعم الوكيل، حسبي الله ونعم الوكيل، فجاء الفرج من الله:{قُلْنَا يَا نَارُ كُونِيْ بَرْداً وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيْمَ} . وموسى الكليم عليه السلام، البحر أمامه، والعدو من خلفه، وبنو إسرائيل يصيحون: إنا لمدركون، فيقول:{ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّيْ سَيَهْدِيْنِ}، فأوحى الله إليه: أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم .

       فلا إله إلا الله، ما أعظم من يجيب المضطر إذا دعاه، جل في علاه، فيا عبد الله أما خيم عليك ليل الحزن، أما أحلت عليك غيوم الغم، أما زارتك سحب الكرب، إلى من حينها ينبغي أن تلتجئ؟ ومن الذي تسأل ؟ . يقول حبيبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، دعاء الكرب، فاسمعه يا محزون، يا مهموم، يا مغموم، ثم تأمله، ثم قله عند كل هم، عند كل غم، عند كل كرب، عند كل خطب، عند كل نائبة:" لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ العَرْشِ العَظَيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ؛ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ " .  

يا صاحب الكرب إن الكرب منفرج *** أبشــر بخير فـإن الـفــــارج الله
اليـــأس يقطـع أحيـــانـــا بصـاحبــه *** لا تيــأســنّ فــإن الكـــافــي الله
الله يحــدث بعــد العســــر ميســــرة *** لا تجــزعــن فإن الكاشــف الله
 فــإن بلــيت فثـــق بالله وارض بــه *** إن الذي يكشف البلـوى هو الله
والله مــا لــك غيــر الله مــن أحــــد *** فحسبــك الله فـي كــل لـــك الله

          فنسأل الله أن يكشف كروبنا، ويزيح غمومنا، ويذهب همومنا ...

الجمعة، 20 يوليو 2012

وجاء رمضان


       وَجَــاءَ رَمَضَــانُ



     الحمد لله الذي بلغنا رمضان، الحمد لله الذي بلغنا صيام أول يوم من رمضان، ونسأل الله أن يبلغنا تمامه وكماله، وأن يجعلنا ممن يصومه ويقومه إيمانا واحتسابا، اللهم اجعلنا ممن عتقت رقابهم من النار في أول ليلة من رمضان، وفي كل ليلة من رمضان، اللهم اجعلنا من السعداء المقبولين في رمضان، اللهم لا تجعلنا من الأشقياء المطرودين المحرومين في رمضان .

       جاء رمضان؛ وحق لمن أدرك رمضان أن يفرح ببلوغه رمضان، فإنها والله إنها لفرحة عظيمة، ومنة كريمة، أن يدرك الإنسان موسما يزداد فيه قربا من ربه جل في علاه، إنها رحمة وفضل من الله:{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}، نعمة عظيمة أن يدرك العبد هذا الموسم الكريم والشهر العظيم .

مرحبا أهلا وسهلا بالصـيـام  ****  يـــا حبيبـــا زارنـــا في كل عــــام
قــد لـقينــــاك بحــب مفعــــم  ****  كل حب في ما سوى المولى حرام
فاغفـــر اللـــهم منــــا ذنبنـــا  ****  ثــم زدنــا مــن عطـايــاك الجسـام

     جاء رمضان؛ وفيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران، وتصفد الشياطين في أول ليلة من ليالي رمضان، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِيْنُ "، وفي رواية:" وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِيْنُ " .

    جاء رمضان؛ موسم من مواسم البر والخيرات، والطاعة والقربات، شهر المنح الربانية، والعطايا الإلهية، نفحات ورحمات، ومكرمات وبركات .

أتى رمضان مـزرعـة العباد  ****  وتطهير القلوب من الفساد
فـــــأد حقــوقـه قـولا وفعــلا  ****  وزادك فـاتخـــذه للمعــــاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها  ****  تــأوه نـادمـا يوم الحصـاد

     جاء رمضان؛ وفي أول ليلة من ليالي رمضان ينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، يا من تريد سعادة الدنيا والآخرة أقبل، يا من تطمح في رضوان الله أقبل، يا من ترجو ما عند الله أقبل، يا من تسعى إلى جنة عرضها السماوات والأرض أقبل، يا من تريد العتق من النيران أقبل .

     جاء رمضان شهر التوبة والإنابة، شهر الاعتراف بالذنب، والإقرار بالخطيئة، شهر إعلان العجز والتقصير للعلي القدير، شهر الذلة والانكسار بين يدي الواحد القهار، العزيز الغفار، فيا من قصرت في حق ربك أقبل، ويا من أعرض عن الله أقبل، ويا تاركا للصلاة أقبل، ويا عاقا لوالديه، ويا قاطعا لأرحامه، يا من أذنب، ويا من أخطأ، أقبل على الله فيقبلك الله ويعتق رقبتك من النار فربك حيي ستير جواد كريم، يحب من عبده أن يتوب فيتوب عليه، ففي صحيح مسلم من حديث أبي موسى رضي الله عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا " فيا عبد الله لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرت الله غفر لك على ما كان منك ولا يبالي سبحانه جل في علاه .

     جاء رمضان شهر الثورة على النفس والهوى والشيطان، لتتحرر الروح من قيود الشهوات والذنوب، فتسمو إلى باريها، فالإنسان بروحه لا بجسمه، وعزه وشرفه وسعادته في تعلق روحه بالله، واتصالها وأنسها به لا بسواه .

يا خـادم الجسـم كم تشقى لخـدمتــه  ****  أتعبت نفسـك فيما فيه خسـران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها  ****  فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

      جاء رمضان شهر العبودية لله، وتحقيق التقوى والتي هي أعظم وأجل ثمرة للصيام:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقٌونَ}، والتقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل، التقوى هي فعل المأمور على نور من الله ترجو ثواب الله، وترك المحذور على نور الله تخاف عقاب الله، التقوى أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية بفعل ما يحبه ويرضاه، والبعد عما يبغضه ويسخطه .

     جاء رمضان شهر الصبر؛ صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة، فهو شهر يربي النفس على الصبر بجميع أنواعه، ولذلك كان أجر الصائم مما لا يعلمه إلا الله، قال الله في الحديث القدسي:" إِلَّا الصَّومَ فَإِنَّهُ لِيْ وَأَنَا أَجْزِيْ بِهِ "، وقال سبحانه:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} .

    جاء رمضان شهر القرآن:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيْ أُنْزِلَ فِيْهِ القُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقَانِ}، فيا أهل القرآن ! ويا أمة القرآن ! أقبلوا على القرآن، فو الله وتالله وبالله إن في الإقبال عليه العز والشرف، والسمو والرفعة في الدنيا والآخرة .

    جعلنا الله من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وجعلنا من عتقائه في شهر الصيام، ونسأله سبحانه أن يبلغنا تمام الشهر وكماله كما بلغنا أوله، وأن يجعلنا ممن يصومه ويقومه إيمانا واحتسابا؛ إنه سميع قريب مجيب .