الخميس، 11 يوليو 2013

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس الخامس عشر

مسائل وأحكام



المسألة السادسة عشرة : صوم المسافر بالوسائل المريحة : يباح للمسافر الإفطار ولو كان سفره بالمواصلات المريحة سواء حصلت له مشقة بالصوم أو لا؛ نقل ابن تيمية الإجماع على ذلك، فالشارع الحكيم أناط الفطر بالسفر لا بالمشقة فيه؛ قال سبحانه:{ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } .

المسألة السابعة عشرة : صوم المريض المتحامل على نفسه: المريض الذي يشق عليه الصوم رخص له في الفطر لكن إذا أراد التحامل على نفسه والأخذ بالعزيمة وهو الصوم، وترك الرخصة وهو الفطر فإن صيامه مجزئ؛ حكى ابن حزم الإجماع على ذلك، أما المرض الذي يخشى معه الهلاك فيجب الفطر معه، ولا يجوز للمريض أن يتحامل على نفسه ويصوم لأنه يلقي بنفسه إلى التهلكة، وهذا مذهب جمهور أهل العلم .

المسألة الثامنة عشرة : السفر مفارقة البنيان: لا يباح للمسافر أن يترخص برخص السفر ومنها الفطر في الصوم إلا إذا فارق البنيان وخلفه وراء ظهره، فلا يوصف بكونه مسافر إلا بخروجه من البلد، وما دام في البلد فله حكم المقيم، وهذا مذهب عامة أهل العلم، ونقل ابن المنذر الإجماع عليه .

المسألة التاسعة عشرة : مدة الفطر في السفر : للمسافر الفطر ما دام مسافرا، فإذا نزل ببلد ونوى الإقامة فيها أربعة أيام فأكثر صار حكمه حكم المقيم، فلا يجوز له الترخص برخص السفر ومنها الفطر، بخلاف ما إذا كانت المدة أقل من ذلك، وهذا مذهب جمهور أهل العلم، ويرى ابن تيمية رحمه الله أن للمسافر أن يترخص برخص السفر ما دام لم ينو الإقامة المطلقة، بل هو متردد في الإقامة ولم يحدد لها زمنا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أقاموا بمكة قريبا من عشرين يوماً يقصرون الصلاة، وأقام أصحابه رضوان الله عليهم برامهرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة كما عند البيهقي بسند حسن .

المسألة العشرون : الأكل أو الشرب ناسيا : إذا أكل الصائم أو شرب وهو ناس فصومه صحيح ولا شيء عليه، وعليه أن يتم صومه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم عند البخاري ومسلم واللفظ له:" مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ "، ويجب على من رآه أن ينبهه أنه في نهار رمضان؛ وأنه صائم، وهذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .


الاثنين، 8 يوليو 2013

يا باغي الخير أقبل




يا باغي الخير أقبل



أتى رمضــان مــــزرعــــة العبــــــــاد  ****  وتطهير القــــلوب مــــن الفســـــاد
فـــــأد حقــــــوقـــــه قــــــولا وفعـــــــلا  ****  وزادك فـــــاتــــخـــــــــذه للــــمـــــعـــــــــاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها  ****  تــــــــأوه نـــــــــادمــــــــــا يــــوم الحصـــــاد
      
     يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر؛  جاء شهر النور والبركات، أقبل شهر الخشوع والطاعات، أشرف شهر النصر والمكرمات، أتى شهر الفتوحات والذكريات، فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر . 

مرحبــــــا أهـــــلا وسهلا بالصـيـام  ****  يـــا حبيبـــــــا زارنــــــــــــــا في كل عـــــــــــام
قــــــــــد لـقينـــــــــاك بـــــــحــب مفعــــم  ****  كل حب في ما سوى المولى حرام
فاغفـــــــــــــر اللـــهم منــــــــــا ذنبنــــــــا  ****  ثــم زدنــــــــــا مــن عطـايــاك الجســـــــــــــام
 
       يا باغي الخير أقبل لقد تفتحت أبواب الجنان، وغلقت أبواب النيران، وصفدت الشياطين، كل ذلك في أول ليلة من ليالي رمضان .
      يا باغي الخير أقبل؛ فقد أقبل ربيع الطائعين، وموسم التائبين، ورياض المستغفرين، وجنة الصالحين، لقد تاقت إليه نفوس المؤمنين، وفرحت بقدومه قلوب المخلصين، واشتاقت إلى لياليه دموع المتهجدين .
        يا باغي الخير أقبل " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيْمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "، و " مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيْمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ  "، و " مَنْ قَامَ لَيْلَةِ القَدْرِ إِيْمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " .
      يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، يا من تريد سعادة الدنيا والآخرة أقبل، يا من تطمح في رضوان الله أقبل، يا من ترجو ما عند الله أقبل، يا من تسعى إلى جنة عرضها السماوات والأرض أقبل، يا من تريد العتق من النيران أقبل .
      يا باغي الخير أقبل، يا من قصرت في حق ربك أقبل، يا من أعرض عن الله أقبل، يا تاركا للصلاة أقبل، يا عاقا لوالديه، يا قاطعا لأرحامه أقبل، يا من أذنب، يا من أخطأ، أقبل على الله فيقبلك الله، ويعتق رقبتك من النار، فربك حيي ستير جواد كريم، يحب من عبده أن يتوب فيتوب عليه .  
      يا باغي الخير أقبل " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا "، يا باغي الخير أقبل؛ لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرت الله غفر لك على ما كان منك ولا يبالي سبحانه جل في علاه؛ كرما ومنة وفضلا؛ جعلنا الله أهلا لفضله وكرمه .
     ونحن نعايش ربيع الثورات والانتفاضات ها هو ذا شهر الثورة والانتفاضة على النفس والهوى والشيطان قد أقبل فيا باغي الخير أقبل، لتتحرر الروح من قيود الشهوات والذنوب، فتسمو إلى باريها، فالإنسان بروحه لا بجسمه، وعزه وشرفه وسعادته في تعلق روحه بالله، واتصالها وأنسها به لا بسواه .

يا خـادم الجسـم كم تشقى لخـدمتــه  ****  أتعبت نفسـك فيما فيه خسـران
أقبل على الـــروح واستكمل فضائلها **** فأنت بالروح لا بالجسم إنســـــــان
   
     يا باغي الخير أقبل؛ آن أوان أن تسكب العبرات، وتقال العثرات، وتكفر الذنوب والسيئات، فقد أقبل شهر الرحمة والرضوان، والمغفرة والإحسان، والعتق من النيران .
     يا باغي الخير أقبل:" مَنْ لَمْ يَدَعْ قَولَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ فَلَيْسَ لِلهِ حَاجَةٌ فِيْ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ " .
     يا باغي الخير أقبل فإن لله سبحانه عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة من ليالي رمضان، جعلنا الله وإياكم ممن يعتق رقابهم من النار، إنه سميع قريب مجيب . 

السبت، 6 يوليو 2013

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس الرابع عشر

مسائل وأحكام


المسألة الثالثة عشرة : بقاء الليل : من أكل أو شرب معتقدا بقاء الليل؛ ولم يتيقن طلوع الفجر؛ ثم تبين له طلوعه فمن أهل العلم من قال بأن صومه صحيح ولا قضاء عليه؛ لأن الأصل بقاء الليل حتى يتبين طلوع الفجر، فبقاء الليل هو اليقين وطلوع الفجر مشكوك فيه، واليقين لا يزول بالشك، وهو قول طوائف من السلف، واختاره ابن تيمية وابن عثيمين؛ والمزني من الشافعية رحمهم الله، وقال جمهور أهل العلم بأنه يجب عليه القضاء .   

المسألة الرابعة عشرة : غروب الشمس : إذا تحقق الصائم من غروب الشمس يسن له أن يعجل الفطر؛ بالاتفاق، وأما من شك في غروب الشمس ولم يتيقن من غروبها فلا يجوز له الفطر، ومن أفطر وجب عليه القضاء، لقوله تعالى:{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}، ولأن الأصل بقاء النهار، وهو اليقين، وغروب الشمس مشكوك فيه، واليقين لا يزول بالشك، وهذا مذهب جماهير أهل العلم، وكذا من أفطر ظانًّا غروب الشمس ثم تبين له عدم غروبها؛ فعليه الإمساك إلى الغروب، ويجب عليه القضاء، وهو قول الجمهور، واختار ابن تيمية وابن القيم وهو قول طائفة من السلف أنه لا قضاء عليه؛ لعموم قوله تعالى:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَّسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، وأما من غلب على ظنه غروب الشمس لوجود علامات ودلائل تدل على غروبها ودخول وقت الفطر فإنه يجوز له الفطر باتفاق الأئمة الأربعة .

المسألة الخامسة عشرة : طلوع الفجر والطعام في الفم : الأصل أن المؤذن لا يؤذن إلا بدخول الوقت، فإذا أذن وجب الإمساك بمجرد سماع أذانه، فمن طلع عليه الفجر وفي فمه طعام وجب عليه أن يلفظه ويتم صومه، فإن أكله بعد تيقنه طلوع الفجر بطل صومه، وعليه القضاء وهو مذهب الأئمة الأربعة، وأما ما جاء عند أحمد في المسند وصححه الألباني من قوله صلى الله عليه وسلم:" إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ " فقد حمله بعض أهل العلم على أن النداء هنا هو أذان بلال وهو الأذان الأول ففي المتفق عليه:" إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لاَ يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ "، وقال البيهقي رحمه الله عن الحديث الذي في المسند: وهذا إن صح فهو محمول عند عامة أهل العلم على أنه صلى الله عليه وسلم علم أن المنــــادي كان ينــــادي قبل طلوع الفجــــر بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر . 
        فينبغي للمسلم أن يحطاط لصوم ويمسك بمجرد سماع المؤذن ليتجنب الريبة:" دَعْ مَا يَرِيْبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيْبُكَ "، وفي الحديث المتفق عليه:"  فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِيْنِهِ وَعِرْضِهِ ".

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس الثالث عشر

مسائل وأحكام


المسألة العاشرة : تبييت النية من الليل : النية شرط في صحة الصوم كسائر العبادات، وفي صوم الفرض يجب تبييت النية من الليل قبل طلوع الفجر وهو مذهب جمهور أهل العلم، لقوله صلى الله عليه وسلم عند النسائي وغيره وصححه الألباني:" مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ ــــــــ وفي رواية: قَبْلَ الْفَجْرِ ــــــــ، فَلَا صِيَامَ لَهُ " وأما صوم النفل فلا يشترط له تبييت النية من الليل عند جمهور أهل العلم، بل تجوز النية أثناء النهار قبل الزوال أو بعده، إذا لم يتناول مفطّرا بعد الفجر، وهو اختيار ابن تيمية وابن عثيمين رحمهما الله، للحديث الذي في صحيح مسلم: عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ . فَقُلْنَا: لاَ. قَالَ: فَإِنِّيْ إِذًا صَائِمٌ . وأجر الصوم يكتب من وقت إنشاء النية، وأما الإمساك الذي قبل ذلك فهو بغير نية فكيف يؤجر عليه ؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:" إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى "، وهذا اختيار ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين رحمهم الله .

المسألة الحادية عشرة : نية صيام رمضان : هل يشترط لصيام رمضان لكل يوم نية ؟ أم أن النية في أول الشهر تكفي لرمضان كله ؟ اختلف الفقهاء رحمهم الله في ذلك؛ جمهور أهل العلم يشترطون تجديد النية لكل يوم من رمضان، وأنه لا تكفي نية واحدة للشهر كله لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:" مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ ــــــــ وفي رواية: قَبْلَ الْفَجْرِ ــــــــ، فَلَا صِيَامَ لَهُ "، والقول الثاني مذهب المالكية أن ما يشترط فيه التتابع تكفي فيه النية في أوله، ورمضان كالعبادة الواحدة، فإذا انقطع التتابع لعذر مبيح تجدّد النية، وهذا اختيار ابن عثيمين رحمه الله .

المسألة الثانية عشرة : الجزم في نية الصوم واستمرارها: من تردد في نية صوم واجب واستمر التردد إلى اليوم الذي تردد في صومه وصام؛ فصومه غير صحيح وعليه القضاء، وهو مذهب الجمهور لأن التردد ينافي النية وهي شرط في صحة الصوم، بخلاف من صام ثم تردد في قطع نية الصوم هل يفطر أو لا يفطر ؟ فصومه صحيح ولا يبطل؛ لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، والأصل بقاء النية ما لم يعزم على قطعها، ويجزم بإزالتها، فإن جزم وعزم على قطعها انقطع صومه وبطل، وعليه القضاء وإمساك بقية اليوم إن كان من الذين لا يباح لهم الفطر، وهو اختيار ابن عثيمين رحمه الله.

الثلاثاء، 2 يوليو 2013

سلسلة الإعلام بأحكام الصيام



الدرس الثاني عشر

مسائل وأحكام



المسألة الخامسة : زوال العقل بالإغماء أو التخدير بالبنج : إذا نوى الصوم من الليل ثم أغمي عليه أو خدّر بالبنج ففقد وعيه، لا يخلو من حالتين: الأولى: أن يستوعب الإغماء أو فقد الوعي بتأثير البنج النهار فيبدأ قبل الفجر ولا تحصل الإفاقة إلا بعد غروب الشمس فهذا لا يصح صومه وعليه القضاء؛ وهو مذهب جمهور أهل العلم، والحالة الثانية: أن يفيق في النهار، ولو للحظة فصيامه صحيح، ولا قضاء عليه، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، وقول عند المالكية .

المسألة السادسة : نوم جميع النهار : من نام جميع النهار من الفجر إلى غروب الشمس فصومه صحيح عند جماهير أهل العلم، وهذا حال البعض من المسلمين هدانا الله وإياهم، واستغراق النهار بالنوم فيه تفويت للصلوات وإخراجها عن وقتها، وهو منكر عظيم، وقد يصدق على من هذا حاله قوله صلى الله عليه وسلم:" رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ "، فالمسلم الواجب عليه أن يكون محافظا على ما افترض الله عليه، مستغلا لمواسم الخيرات، فرمضان من أعظم مواسم الخير والطاعة، بلغنا الله إياه، ووفقنا لصيامه وقيامه إيمانا واحتسابا .

المسألة السابعة : تأخير غسل الجنابة بعد طلوع الفجر : من أجنب قبل الفجر بجماع أو إنزال فإنه يلزمه الصوم ولا مانع من تأخيره الغسل إلى ما بعد طلوع الفجر، ولكن لا يؤخره إلى طلوع الشمس بل يجب عليه أن يبادر بالغسل ليدرك صلاة الفجر مع الجماعة،  وفي الحديث المتفق عليه واللفظ للبخاري: عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَ مَرْوَانَ أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَتَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْرِكُـــهُ الْفَجْــرُ وَهُوَ جُنُــبٌ مِنْ أَهْلِـــهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُـــومُ .

المسألة الثامنة : طهور الحائض أو النفساء قبل الفجر : إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل الفجر وأخرتا الغسل إلى ما بعد طلوع الفجر لا مانع في ذلك؛ لكن يجب عليهما الصوم، وهذا مذهب عامة أهل العلم، قياسا على الجنب .

المسألة التاسعة : صوم أصحاب الأعمال الشاقة : الصائم الذي يعمل في عمل شاق ويتضرر بترك عمله، ويخشى على نفسه الهلاك أثناء النهار، أو يلحقه مشقة كبيرة من الصوم أثناء عمله، واضطر للعمل في نهار رمضان له أن يفطر على قدر الحاجة بما يدفع عنه المشقة، ثم يمسك بقية يومه إلى غروب الشمس، ويفطر مع الناس، وعليه القضاء، وبه أفتت اللجنة الدائمة . فلا يجوز للصائم أن يترخص بغير مرخص، أو بمشقة محتملة، فإن ذلك من عدم تعظيم أمر الله سبحانه:{وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ}، فينبغي للمسلم أن يحذر من تعريض أمر الله ونهيه للتشدّد الغالي، أو الترخّص الجافّ، أو علة توهن الانقياد والعمل؛ كما قال ابن القيم رحمه الله، وفقنا الله لتعظيم أمره ونهيه إنه سميع قريب .